تلك هي حالة الكثير من مسؤولينا في مختلف الدوائر الحكومية وعلى مختلف المراتب يحولون مكاتبهم لبروج محصنة يصعب دخولها مع العلم أنها إدارات خدمية يحتاج المواطن إلى التعامل المباشر مع مسؤوليها، ولو أراد المواطن مقابلة المسؤول قد يستغرق أياما أو أسابيع وربما شهورا. أذكر قصة حكاها أحد المحاضرين بالجامعة وهو من العاملين في إحدى الوزارات، حين أراد مقابلة الوزير لمشكلة لا يستطيع البت فيها إلا هو، ظل يتردد أربعة أشهر على مكتب الوزير حتى أذن له بمقابلة الوزير لخمس دقائق هي فترة خروجه من مكتبه ودخوله قاعة الاجتماعات!! وقد قال لي إن الدخول على أعلى مسؤول أسهل من الدخول على وزيرنا. دائما تجد العديد من مسؤولينا متكلفين من الوزير وحتى رئيس القسم إلا ما ندر، تجد «مشالحهم» على أكتافهم حتى في دورات المياه «أجلكم الله» وحتى إذا قرروا التكرم والنزول من بروجهم، وتفقد المنشآت التابعة لهم فدائما ما يكونون محاطين بمجموعة من المرافقين منهم السكرتير ومدير المكتب وبعض موظفي العلاقات العامة وبضعة من منسوبي الأمن الصناعي، ولا ننسى أهم عنصر وهم الصحفيون والمصورون من عدة صحف، وبقدرة قادر تكون عناوين الصحف «زيارة مفاجئة من المسؤول». أذكر أنني أردت مقابلة عميد كلية في إحدى الجامعات الحكومية في مدينة الرياض ومرت أربعة أيام حتى سمح لي بمقابلة سعادته، وعند الدخول عليه بعد المرور على سكرتير أول ثم سكرتير ثان ثم مدير مكتبه كان يتكلم بأسلوب متعال ويقول: «اختصر.. اختصر» مع العلم أنني لم آخذ ثلاث دقائق في شرح مشكلتي، عندها تذكرت قول الله تعالى «ولا تصعر خدك للناس» ورغم ذلك بدأ يعطيني محاضرة عن النظام وأنه يجب أن يتبع النظام..إلى آخر الأسطوانة المشروخة لكل مسؤول لا يريد خدمة أحد ويتعذر بالنظام. رسالة لكل مسؤول متعال يتبع سياسية الباب المغلق، المنصب أشبه بكرسي الحلاق، مهما طال الأمد لا بد لك أن تترجل عنه، ولذلك تعاملك إبان عملك هو ما سيجعل الناس إما فرحين بترجلك أو باكين عليه.