الاستغراق في ملامح هذه الطفلة الفلسطينية ذات البشرة السمراء، وهي تحمل أفعى ثقيلة الوزن على كتفها، وتبتسم لالتقاط صورة تذكارية بأحد مواقع الاحتفال بعيد الفطر في مدينة عكا المحتلة بشمال إسرائيل، ينقل رائيها إلى إيغال فيما مضى من احتلال وآلام، واستشراف لما يأتي من أحلام وآمال. الصورة بثتها الوكالة الفرنسية، أمس الأول، وكانت ضمن احتفالية المرفأ الفلسطيني التاريخي بالعيد في ثاني أيامه، وكانت هذه الطفلة تحديدا رابطة الجأش، على عكس صور أطفال آخرين أصغر سنا وأكثر «قلقا». عكا التي يشكل عرب فلسطين 27 % من سكانها الإسرائيليين، تعتبر فعلا «مفتاح فلسطين» لموقعها الاستراتيجي في الخارطة الخنجرية الشهيرة، التي باتت متشرذمة ومتقسمة، ما بين دولة الاحتلال وأراضي السلطة الفلسطينية في الضفة وغزة. المدينة العتيقة المشهورة بأسوارها، التي سبق أن صدت نابليون بونابرت أيام الحملة الفرنسية، يسكنها الآن جيل منقسم بين الاحتفاظ بإرث آبائه وارتداء ثوب المعاصرة، وإن كانت البساطة سمة غالبة لساكني عكا من العرب. إلا أن هناك ارتباطات بين أهل عكا، وجيرانهم في حيفا ويافا، وكان لبث مسلسل الجاسوسية «عابد كرمان» في رمضان، سبب لإثارة شجون من خمسينيات وستينيات القرن الماضي لأهل هذه المدن المحتلة، مثلما تسبب في إقلاق أجهزة استخباراتية إسرائيلية، بشأن تحريك «خلايا نائمة» من سنين في شمال فلسطين، كادت تنسى المقاومة. قد يكون من نصيب «طفلة الأفعى» وجيلها، دور في مقاومة لاحقة، وسبب لإعادة الحلم الفلسطيني والعربي في «أرض الرسالات»، خصوصا أن الخوف من أي «محاولة» لا يزال يسكن عقل اليهود في أي مكان، كما فعلوا في الأيام الفائتة، حين ضغطوا في واشنطن لإيقاف مسرحية بعنوان «عائد إلى حيفا»، تستند إلى رواية بالاسم نفسه للروائي الفلسطيني غسان كنفاني، الذي اغتيل في بيروت بواسطة قنبلة في سيارته، قبل أكثر من 39 عاما.