يتجه المسرحيون قريبا إلى انتخابات جمعية المسرحيين السعوديين مطلع شوال المقبل وسط توقعات بأن تشهد حضورا شبابيا طاغيا يقدم شهادة اعتزال للمخضرمين، غير أن ذلك ليس غاية في حد ذاته باعتبار أن الجيل المسرحي السابق حمل لواء المبادرة لتأسيس قاعدة مسرحية تطورت إلى أن وصلت إلى المرحلة الثقافية الراهنة التي تستقطب الشباب الذين يفرض حضورهم كثيرا من الأسئلة حول طبيعة المرحلة المقبلة ومدى وعيهم بهموم المسرح والمسرحيين وما إذا كانوا يمتلكون القدرات الحقيقية لإدارة الشأن المسرحي مؤسساتيا والانتقال به إلى وضع أفضل. إضاعة الوقت عما إذا كانت القيادات الشابة التي تقدمت لمجلس إدارة الجمعية تملك القدرة على إدارة الشأن المسرحي بشكل أفضل ممن لهم باع طويل في العمل المسرحي، يرى المسرحي عبدالهادي القرني أن القدرة تعتمد على امتلاك الفكر الذي يحتاج إليه المسرح في هذه المرحلة بالذات «لا ينقص المسرح وجود الكفاءات الفردية سواء كانت من الشباب أو المخضرمين، فقد نجد أحد الذين لهم خبرة وتجربة في المسرح ذا فائدة أكثر من المسرحي الشاب المتمتع بالديناميكية المسرحية، والعكس صحيح، فالمسرح يفتقد فكرا مسرحيا يعمل لصالحه بشكل مطلق ولا يعتمد على أي أعمال أخرى». ويضيف «إذا توفر الفكر الجيد فالمتوقع سيكون أفضل بكثير مما هو موجود الآن، فنتوقع أن يعمل المجلس الجديد على تطوير المسرح والعمل على توصيله إلى المجتمع بالشكل الصحيح، ومحاولة إبعاد الفكرة المسيطرة على المجتمع أن المسرح تهريج وإضاعة الوقت، كما نتوقع أن يبحث عن موارد مالية إضافية للجمعية». ويشير القرني إلى أهمية الوعي بالقضايا المسرحية «يفترض أن تتوفر مسألة الوعي بهموم المسرح في عضو مجلس الإدارة وأن يكون جاهزا لذلك، وهنا نعود إلى نقطة البداية وهي المسألة الفكرية المتعلقة بالمسرح، فالفكر المسرحي لا أقصد به القدرة على تنظيم مهرجان أو عقد ندوات أو ورش مسرحية، ولكن أقصد به كيف يدار المسرح وكيف يتم التواصل مع المسؤول وكيف يتم جذب رجال الأعمال إلى المسرح، كيف تعمل على تطوير المسرح من خلال البرامج الجديدة والأفكار المستشرقة لجيل مسرحي مبني على أصول المسرح الحقيقي، وأعتقد أن أخطر ما يواجهه المسرح الآن أنه خال من الفكر المسرحي، وهذا ما نحتاج إليه في هذه المرحلة». الشباب أفضل ومن جانب آخر، يبدو ياسر مدخلي منحازا للشباب في عضوية مجلس الإدارة المقبل «تولي الشباب المؤهل زمام الأمر في مجلس إدارة الجمعية أصبح أمرا ملحا خصوصا أنهم قاموا بالمبادرات الحقيقية في المجلس السابق كملتقى النص ومهرجان الفرق وموقع الإنترنت وكان المسؤول عن التعطيل الذي أصاب بعض الإجراءات الإدارية من الخبراء، إن صح التعبير، والمسرح اليوم يعتبر منظمة وحراكا، فعلا وأداء، وهذا الأداء بحاجة إلى حيوية فكرية وجسدية ومواكبة للمستجدات والملاحظ على التجربة السابقة للمجلس اصطدام أعضائه ببعضهم لأمور ليست في الصالح العام بل لأمور شخصية، وأعتقد أن القيادة متى كانت شابة فسيكون الأمر أفضل والتحرك أسرع، لذلك أطالب وما زلت بقيادة تحويلية تكون لديها المهارات والحوافز للتغيير». ويتوقع مدخلي أن تنحسر الخلافات الشخصية وأن يقدَّم برنامج تأسيسي كبنية تحتية إداريا من حيث اللائحة وملف تعريفي ودليل للخدمات والحقوق والواجبات ومرجع إرشادي للإجراءات وسيكون التفاهم أكبر مع الأعضاء لأن أغلبيتهم من الشباب، مؤكدا أهمية الوعي بهموم المسرح والمسرحيين وتنشيط أدواته الثقافية «إنها مشكلة عندما تدار جمعية مدنية باعتبارها جهة حكومية. مؤسسات المجتمع المدني تحتاج إلى من يتبناها ويتشبع بها ويسعى لإنجاحها لأنها تحقق وجود كل المنتمين إليها ولو استمعت لأعذار المجلس السابق (مشكورا) لعلمت حقيقة المشكلة، إذا أردنا الوصول إلى جمعية واعية (وليس مجلسا فقط) فعلينا أن نهتم بالعمل والإنتاج لتحقيق أهدافنا الشخصية المنصهرة مع الأهداف العامة للجمعية، فالحركة المسرحية تحوي زخما رهيبا في الأنواع والطرائق والضروب والمذاهب والتيارات ومتى تقبلنا ضرورة وجود كل أنواع المسرح وفنونه وركز المجلس على تثقيف نفسه والأعضاء فإننا سنرتقي بوعينا لمستوى يليق بمسرحنا». أكاديميات فنية المسرحي ماهر الغانم متحمس للقيادات الشابة في مجلس إدارة الجمعية، ويرى أنها تملك القدرة على إدارة الشأن المسرحي بشكل أفضل ممن لهم باع طويل في العمل المسرحي «أعتقد ذلك لم لا، إذا كانت تعي العمل الإداري بالإضافة للوعي والطموح الفني خاصة لدى المسرحيين الذين يعانون من تقصير وتهميش وإهمال من قبل كثير من الدوائر الحكومية التي لا تعترف بهم؟ ومن المؤكد أن ذلك ما يعيشه هؤلاء الشباب». ويضيف الغانم «نتوقع من المجلس الجديد إكمال ما لم يستطع المجلس السابق إكماله، وأن يتفادوا العقبات والأخطاء السابقة التي لم تكن متعمدة، بل من الطبيعي أن تكون هناك ظروف لأي جمعية جديدة تنشأ حديثا وفي مناخ صعب دون دعم رسمي كبير سواء ماديا أو معنويا، ولكننا نحتاج إلى خطوة إنشاء معهد ولو مصغرا يعطي أساسيات أكاديمية للمشتغلين في هذا الفن، ويشمل كل العناصر فيه لأنه (أبوالفنون) ودليل حضارة وتاريخ البلد وتكثيف الورش والمهرجانات وابتعاث الشباب، وهناك الكثير مما يجب البحث فيه وطلب الاستبيانات حوله من المشتغلين في المسرح».