تحمل المملكة تاريخاً مسرحياً يزيد على ثمانين عاماً منذ ظهور أول نص مسرحي سعودي مكتوب عام 1932م، وقام بتأليفه حسين عبد الله سراج. وفي عام 1960م بدأت المحاولات المسرحية الجادة على يد أحمد السباعي حيث قام بتأسيس فرقة مسرحية في مكةالمكرمة ومدرسة للتمثيل أسماها (دار قريش للتمثيل الإسلامي(. وأكد عدد من المسرحيين السعوديين أن المسرح السعودي يعدّ من أكثر الفنون التي تعاني قلة الدعم والاهتمام مقارنةً بالفنون الأخرى رغم عشق الجمهور السعودي للمسرح وإقباله على الأعمال المسرحية. دعم يفتقر المسرح للدعم من المسؤولين عن الثقافة والإعلام في المملكة، رغم تبني جهات عديدة للمسرح ولكنها غير مدعومة إعلامياً، فالإعلام غائب تماماً عن المسرح إلا فيما ندر، دون وجود أسباب محددة، ورغم وجود العديد من المسارح في المملكة إلا أنها لا تلقى الدعم الكافي من الدولة مما يؤثر على مستوى الأعمال المسرحية المقدمة على هذه المسارح، فالمسرح يحتاج إلى دعم رسمي بشكل كبير. ومن أهم صور هذا الدعم أن تتاح الفرصة لإنشاء أكاديمية للفنون أو فتح أقسام بالجامعات لتدريس المسرح فناً وعرضاً ونصاً ونقداً؛ بالإضافة إلى محترفين أكاديميين في المسرح بمختلف تخصصاته، ودور مسرحية مجهزة للعروض؛ فالمسرح ليس مجرد تمثيل بل يحتاج إلى تقنيات عالية الجودة وتكنولوجيا متقدمة من أجل تقديم مسرح متطور ومشوق يقدم للجمهور متعة ورسالة. ولكي ينهض من هذه الغفوة يحتاج أيضاً إلى أن يكون ثقافة شارع؛ أي أن يكون فعلاً مسرحياً منتظماً؛ ولا يقتصر فقط على المهرجانات والمناسبات فيما بقية العام يغيب؛ مما يوجب ضرورة وجود صحافة متخصصة يعمل فيها صحافيون لديهم على الأقل الحد الأدنى من الثقافة المسرحية ولديهم الهم المسرحي كي يساهموا في توعية الشارع بأهمية المسرح وجذبهم له ورفع مستوى ذائقته برسالته الفنية. إحجام وتحجم الأندية الأدبية عن تفعيل دور المسرح لديها على الرغم من أنها تمتلك مسرحاً جيداً؛ وذلك بسبب اعتراضها على تصنيف المسرح كنوع من الأدب رغم أن المسرح هو أبو الفنون مما يوجب رعايته من جميع الجهات الفنية والأدبية، وخاصة وزارة الثقافة والإعلام التي يجب أن تقوم بتوجيه الأندية الأدبية باحتضان المسرح حتى لا ينهار هذا الفن الراقي، خاصة في ظل ضعف إمكانيات جمعية المسرحيين السعوديين مما يجعلها تعجز عن تقديم أي شيء للمسرح في الداخل، رغم وجودها بشكل جيد فيما يتعلق بالمشاركات الخارجية. تجاهل المرأة مسرحياً ومن إشارات عدم الاهتمام بالمسرح: حرمان المرأة من اقتحام المسرح بمجالاته المختلفة والتي ظلت حكراً على الرجل، وكذلك العدد الذي لا يتجاوز أصابع اليد من النساء اللاتي خضن تجربة الإخراج المسرحي بصفة خاصة، مقارنة بعدد الممثلات. ويعود الأمر إلى أن الإخراج يميل إلى حالة من التسلط في العمل المسرحي، فالمخرج في النهاية هو صاحب الكلمة الأخيرة في العرض، وهو الذي يرسم حركة الممثل على خشبة المسرح، ويصوغ الشكل النهائي للمسرحية، وهذا ما يدفع الممثلين الذكور الذين جبلوا على فكرة الفحولة والتسلط على المرأة من النفور من العمل مع مخرجة أنثى حتى لا يقعون تحت طائلة توجيهاتها. كما أن الممثل الرجل سيخضع بالتالي إلى أفكار المخرجة التي ستميل إلى التركيز على قضايا المرأة الضحية لسقطات الرجل؛ مما يهز شخصية الرجل فيه، كما أن القلق الاجتماعي، والطبقية الجنسية المجتمعية، حيث الرجل أولاً ثم المرأة، والاعتقاد بعدم تجانس الإخراج المسرحي المفضي إلى التمرد وإلى القوة والقدرة على إدارة فريق عمل مع أنوثة المرأة التي تغلب العاطفة على العقل لديها، أجبر المرأة الخليجية على الابتعاد عن خوض غمار الإخراج المسرحي، الذي خاضته نساء عربيات أخريات دون إيلاء أدنى اهتمام بالخطاب الاجتماعي والديني الملتبس. وهناك أسباب أخرى جوهرية لا تعطي الفنون تلك الأهمية ولا تحظى بالاهتمام الكافي، وهي عدم وجود تراكم فني على مر السنوات الماضية. وهناك أمر آخر يؤثر على ضعف الاهتمام بالمسرح يتعلق بالعائد المادي، فليس للمسرح ذلك الدخل المغري، ولا يعطي أصحابه تلك الشهرة مثلما في فنون أخرى، لهذا لا يدخل عالمه إلا من يحبه حباً صادقاً، وهم الذين يسجلون صفحات ناصعة للمسرح السعودي. الاستقلال وينبغي تأسيس كيان مستقل للمسرح خاصة وأن فكرة جمعيات الثقافة والفنون التي تحمل أكثر من أربع أو خمس لجان تتقاسم شظف الإعانة السنوية لم تعد مجدية، بالإضافة إلى تكوين مجلس استشاري للجمعية مكون من المثقفين ورجال الأعمال لدعم هذه الفروع بالمال والمشروعات التي تحقق تكافؤ الفرص، أو إلغاء فروع الجمعية وتعزيز دور الجمعيات المتخصصة وجمعية المسرحيين السعوديين تعتبر جهة إشرافية وليست إنتاجية، وتنحصر مهمتها في تنظيم الحراك المسرحي والمشتغلين بالمسرح وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل لأعضائها ودعم الفرق المسرحية المسجلة تحت مظلتها، وكل ما يمكن أن يساهم بالارتقاء في ثقافة المسرح والمسرحيين.. وهذا كله يتوقف على ما يتوفر لها من دعم مالي يحقق لها ولأعضائها ما يتطلعون إليه. وقد قدمت جمعية المسرحيين السعوديين عدداً من النشاطات التي مكّنتها أوضاعها المالية سابقاً من تنفيذها، ولكنها أخيراً أصبحت عاجزة في ظل غياب دعم وزارة الثقافة والإعلام لهذه الجمعية مالياً.