«ما الحرف الذي يسبق حرف الواو في الحروف الأبجدية؟» كان هذا واحدا من الأسئلة الثلاثة التي طرحت على أحد المتسابقين للحصول على جائزة السيارة في برنامج مسابقات في الوقت الذي استعاد المتسابق أنفاسه للحظات.. بإمكاني أن أحزر أنه كان يراجع أثناءها الحروف الأبجدية من الألف حتى يصل إلى الإجابة الصحيحة، لكن الوقت مع الأسف لم يسعفه ولم تكن الجائزة من نصيبه! بعد سماعي لذلك السؤال وعدم سماعي لتلك الإجابة لم يسعني سوى أن أتذكر ذاك الصوت الجهوري المرعب لصاحبه الدكتور عمر الخطيب -رحمه الله- الذي اشتهر بتقديمه لبرنامج المسابقات «بنك المعلومات»! لا أذكر حجم الجوائز النقدية المقدمة في ذلك البرنامج التي لم تتجاوز قط بضعة آلاف من الدنانير ولا حجم الجوائز العينية التي لم تتعد الغسالة أو الفرن الكهربائي.. كل ما أتذكره هو حجم المعلومات والثقافة التي يمتلكها المذيع والمتسابقون على حد سواء، والتي كانت توحي بأنها مسابقة تحمل شعار «الثقافة» وليس شعار «الكل رابح وما حد يمشي من عندنا زعلان».. وتظهر هذه الثقافة في المستوى العالي للأسئلة المطروحة وسخرية المذيع اللاذعة ممن هم أقل من المستوى المطلوب، ما يتطلب قدرا عميقا جدا من الثقافة في شتى العلوم دون الحاجة إلى مصطلح «الاختيارات» الذي جعلت من المسابقات مجرد أحازير! لم تكن فقط ثقافة الدكتور عمر الخطيب وهيبته وانشغاله بقضايا عديدة على رأسها القضية الفلسطينية هي ما يميزه عن غيره من المذيعين، بل حياته الشخصية أيضا التي لم يكن يملك فيها الكثير والتي رحل عنها دون أي ضجة إعلامية فلم يعلم بوفاته سوى القليل من متابعيه، ولم يترك سوى أثر ثقافي جميل وبرنامج حظي باهتمام الجمهور العربي أثبت من خلاله وجود فئة واعية ومثقفة نفتقرها اليوم في الشباب العربي!