رغم انتشار محال بيع الوجبات السريعة مثل الهمبرجر والبروست، إلا أن المكيين يرفضون هذا كله من أجل عيون «الكبدة والبليلة»، والتي اتخذت مكانتها بلا منازع في شهر رمضان المبارك، خاصة بين فترتي الإفطار والسحور كنوع من التلبيبة. ويلاحظ الجميع مدى تهافت أهالي مكةالمكرمة على بسطات الكبدة والبليلة، للاستمتاع بتناولها في ليالي رمضان المباركة، حيث تعدان من الأكلات الشعبية الرئيسية التي يفضلها الكثيرون في رمضان الكريم. وليد الزهراني الذي وجدناه يهم بشراء طبق البليلة يعتقد أن رائحة البليلة تعطر أجواء الشوارع بعد غياب دام 11 شهرا: «وعادت مجددا قوارير الخل والطرشي والشطة والكمون والبطاطس التي تضاف على البليلة، وتعطيها نكهة ومذاقا جميلا في مشهد يعيد ذكريات الآباء والأجداد، حيث يقف بائع البليلة بزيه الحجازي التقليدي المتكون من عمة صفراء مذهبة وسديرية على ثياب بيضاء قطنية»، مشيرا إلى أننا ونظرا لخروجنا مبكرا من المنزل ومع كثرة اللعب نصاب بالجوع، وأول ما يخطر في أذهاننا هي البليلة لأنها رخيصة وتؤدي بالغرض، حيث إننا نتناولها لإسكات جوعنا وحتى يأتي موعد السحور. ويشير العم سرور هزاع الذي صادفناه في إحدى بسطات الكبدة من أجل تناول وجبته الرمضانية المفضلة إلى ارتباط الكبدة بشهر رمضان المبارك كونها من وجبات التلبيبة والتصبيرة بين موعد الإفطار والسحور: «كما أنها وجبة مشبعة بالبروتينات، وكان من أوائل عشاقها سائقو سيارات الأجرة في مكةالمكرمة قبل أكثر من 35 عاما عندما كان يعييهم التعب ويركضون إلى أقرب مبسط أو محل للكبدة وسط البلد لسد جوعهم حتى موعد السحور»، مؤكدا في الوقت ذاته أنه شديد التعلق بوجبة الكبدة في ليالي رمضان المباركة. ووسط انشغاله بالزبائن يوضح البائع عبدالله البلادي أنه يبيع وجبة الكبدة طيلة ليالي الشهر الكريم: «حيث أبيع الصحن منه بعشرة ريالات واضعين معها البهارات الخاصة فلكل نكهته وروحه في الأكل، ويوميا أستهلك قرابة 40 كيلوجراما من الكبدة، وذلك نظرا للإقبال الكبير خلال فترة الليل إلى موعد السحور في كل ليلة من ليالي رمضان الكريم، كما أنني أعمل سندوتشات الكبدة التي يصل سعر الواحد منها إلى ريالين، وتجد هذه السندوتشات إقبالا من قبل الأطفال وصغار السن». وفي موقف مقابل من نفس الحارة يقف بائع البليلة العم عبدالله السبائي أمام بسطته، التي يمارس عليها العمل منذ أكثر من 45 عاما: «كنا في السابق نصدح بأهازيج لجذب الزبائن بين فترة الفطور والسحور، ومنها «بليلة بللوكي، وسبعة جواري حملوك، بليلة بللوكي، وفي الخل غرقوكي»، أما الآن فنضع الأواني والصواني وإضاءات لشد الزبائن»، مشيرا إلى أن البليلة تعد من حبوب الحمص والتي توضع في الماء النقي لينقع فترة تمتد إلى عشر ساعات ثم يحضر على نار هادئة، وعندما تبدأ تسخن يبدأ كل بائع في وضع لمسته وخلطته السرية على البليلة، مضيفا أنه يستهلك يوميا قرابة 30 كيلوجراما من الحمص وذلك في الفترة من بعد صلاة العشاء إلى بعد منتصف الليل. من جانبه أوضح الناطق الإعلامي بوكالة الخدمات بأمانة العاصمة المقدسة سهل مليباري أن الأمانة تنفذ خطة محكمة للأعمال الرقابية على الأسواق ومحال بيع المواد الغذائية خلال الإجازة الصيفية، وذلك ضمن الاستعدادات المبكرة لشهر رمضان المبارك، وذلك لمتابعة استيفاء هذه المحال لكافة الاشتراطات الصحية المطلوبة، مشيرا إلى أن الأمانة أتاحت الفرصة لأكثر من 200 مبسط رمضاني مؤقت يتقاسمها بيع البليلة والكبدة، إضافة إلى التمور والسوبيا، كما أن هناك العديد من الفرق الميدانية التي تراقب هذه المباسط من أجل الصحة العامة .