لا بد من أن رؤية كثير من المتسوقين وهم يتبضعون في مراكز التسوق الغذائية قد لفتت أنظار الجميع لعرباتهم المحملة بأعداد ضخمة وهائلة من المشتريات الرمضانية المتنوعة، وكأنه سيتم سحب تلك البضائع من الأسواق أو ربما نفادها رغم وجود المئات من مراكز التأمين الغذائي المنتشرة في كل مكان وفي كل الأحياء السكنية في البلاد. رؤية هؤلاء الأفراد أمام «الكاشير» بطوابير طويلة وعربات متكدسة تجعلنا نفكر في إن كان الشهر الكريم هو الذي سيحل علينا أم هي حرب طويلة يجب علينا أن نستعد لها بأطنان ضخمة من المؤونة والغذاء؟! ثقافة الاستهلاك التي يفتقر إليها أغلبية أفراد المجتمع لن تنعكس سلبا عليهم من نواح اقتصادية فقط بل ستؤثر بطبيعة الحال على صحة هؤلاء الأفراد الذين يفرطون في تناول كل ما لذ وطاب خلال الشهر الكريم وكأنه شهر للموائد فقط، ما سيجعل القيام بالطاعات أمرا في غاية الصعوبة عليهم.. رغم أن رمضان جعل للناس عتقا من النار ورحمة ومغفرة من خلال العبادات وليس من خلال الموائد الممتدة والباذخة. حقيقة لا أدري ما المشكلة في أن نتبضع أسبوعيا بحيث نتمكن من تقدير حاجاتنا لبعض المواد الغذائية بدلا من أن نشتري أكواما منها دون أن نستخدمها أو نحتاج إليها خاصة وأننا جميعا نشتكي من غلاء المعيشة ومن ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ولا أفهم حقيقة كيف يفرط البعض بشرائها رغم غلائها وعدم الحاجة إليها! هذه الظاهرة المزعجة التي نراها سنويا قبل بداية الشهر الكريم بأيام لا بد من الوقوف عليها والتفكير فيها، فلا فائدة حقيقية مما يفعله البعض من نهم في ابتياع المواد الغذائية في بداية الشهر الكريم وتكديسها في المخازن بعد انتهائه.. بحيث يفسد بعضها أحيانا قبل الاستفادة منها. من الواجب علينا فعلا أن نتمهل في ابتياع المشتريات الرمضانية، وألا ننسى أبدا أنه شهر التفكير في الضعفاء والفقراء واستشعار جوعهم وفقرهم، شهر نتنافس فيه على العبادات لا على طول الموائد وامتلائها.. وكل عام وأنتم بخير.