«خليجي 26»: رأسية أيمن حسين تمنح العراق النقاط ال 3 أمام اليمن    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية "أرويا"    للمرة الثانية أوكرانيا تستهدف مستودع وقود روسيا    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    البحرين تحقق فوزا مثيراً 3-2 على السعودية في خليجي 26    الشرع : بناء سوريا سيكون بعيدا عن الطائفية والثأر    صلاح يعيد ليفربول للانتصارات بالدوري الإنجليزي    القمر يطل على سكان الكرة الأرضية بظاهرة "التربيع الأخير"    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    وزير الداخلية يبحث تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات مع نظيره الكويتي    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    مدرب الأخضر يستبعد فراس البريكان من قائمة خليجي 26 .. ويستدعي "الصحفي"    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    مقتل 17 فلسطينياً.. كارثة في مستشفى «كمال عدوان»    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    ولادة المها العربي الخامس عشر بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    كاساس: استعدادات العراق مطمئنة    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    لمحات من حروب الإسلام    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



40%من احتياجات رمضان في صناديق النفايات
طوفان الماديات يلتهم الروحانيات

بعد أيام يهل علينا رمضان شهر التوبة والمغفرة والقرآن.. والسؤال الذي يطرح نفسه دائما هو: هل استعددنا لاستقبال رمضان بما يليق به كضيف عزيز يزورنا مرة في كل عام؟ وهل بذلنا لأجله بما يتسق مع القيم الروحية العميقة التي ينطوي عليها، أم أن استقبالنا للشهر الكريم لا يعدو (مقاضي رمضان) كمفهوم شائع لدى كثير من الأسر والعائلات؟!
للوهلة الأولى يستوقف المرء تهافت الناس في مثل هذه الأيام التي تسبق رمضان عادة على الأسواق في هجمة أشبه بهجمة أيام الحرب حيث اعتاد الناس على تخزين ما يكفيهم خلالها من المواد الغذائية.
هذا التهافت المحموم على الأسواق والمراكز التجارية ليس له ما يبرره فضلا عن أنه يتقاطع مع روحانية الشهر الفضيل، إذ لا يعقل أن تطغى الموائد وتسبق ما في هذا الشهر من معان عميقة كشهر تصفو فيه النفوس وتتوجه إلى خالقها بالصيام والقيام وتلاوة القرآن والإحسان للفقراء والمساكين وزيارة الأرحام، ولكن هذا ما يحدث من واقع جولة «عكاظ» في مختلف الأسواق في المناطق، ورصدها لحركة المتسوقين، وموقف السلع الرمضانية والأسعار.
هناك تباين واضح في آراء المستهلكين حول مقاضي رمضان، فالبعض اعترف بأنهم يحملون عربات الأسواق بالمواد الغذائية والسلع الرمضانية مباشرة إلى منازلهم كاستعداد منهم لمقابلة احتياجات رمضان، والبعض الآخر زعم أنه ينوي توزيعها على الفقراء والمحتاجين.
والمفارقة أن البعض يشتري سلعا لا يعرف كيفية صنعها وهو ما اعتبره كثيرون نهما زائدا في الشراء، إذ تظل معظم تلك السلع والمواد حبيسة المطابخ المنزلية حتى ينقضي رمضان.
أما أصحاب المحلات التجارية فقد أجمعوا أن هناك بعض الأصناف لا يتم تصريفها إلا في رمضان، كالحلويات بمختلف أنواعها والكريمات والعصيرات.
واعتبر مختصون أن نزعة الاستهلاك عادة متأصلة لدى المستهلكين، خصوصا في رمضان لكنهم طالبوا المستهلكين بالبحث عن بدائل أقل سعرا مع ضمان الجودة، ولكن السؤال عن هذا التهافت العجيب ما زال قائما، فلماذا يتهافت الناس على قضاء حاجيات رمضان بهذا الشكل الصارخ كأنما رمضان هو شهر للأكل والشراب والموائد الممدودة.
شهر للمتاجرة مع الله
ومن وجهة نظر الدكتور عويض بن حمود العطوي عميد الدراسات العليا ومشرف قسم البحوث والاستشارات في جامعة تبوك أن استقبال الناس لهذا الموسم يختلف بحسب نياتهم ومقاصدهم، فمنهم من يراه موسما للربح والتجارة، وقد يتناسى في خضم ذلك مقاصد الشرع العظيم، فتراه يهتم بزيادة الأسعار واستغلال الناس فعلى أرباب المال أن يسألوا أنفسهم هل خططوا لهذه الفرصة، بحيث يكسبوا من خلالها الأجر العظيم، من خلال إطعام الطعام بتفطير الصائمين وكفالة الأيتام، والتجاوز عن المعسرين من أصحاب الديون، والصدقات المتنوعة هذا هو التفكير اللائق بهذا الشهر الكريم، الذي يختبر أخلاقنا في تعاملنا مع ربنا ومع أنفسنا ومع الآخرين كما أن هذا الشهر هو شهر القرآن وعلينا أن نقرأ القرآن لنتمثل ما فيه من أخلاق وسلوكيات ومن ذلك الإنفاق والجود ورعاية الحقوق، وكفالة الضعفاء والمساكين، والمتاجرة مع الله هذا هو التفكير الذي ينبغي أن نستقبل به رمضان، لا أن نفكر في الربح المادي فحسب، متناسين الآخرة وأجرها.
محدودية التوعية
ويؤكد مساعد الصحة النفسية الدكتور محمود فلاتة أن الاستهلاك أمر متأصل في الناس، لكن التجربة التي مروا بها في العامين الماضيين جعلتهم يتجهون بشكل واضح إلى السلع ذات الأسعار الأقل، وإن كانت الفائدة في هذا الجانب غير واسعة بسبب محدودية التوعية الاستهلاكية ،معربا عن أمله في أن تضاعف جمعية حماية المستهلك جهودها في الفترة المقبلة، لأن الناس سيفهمون إرشاداتها نتيجة خروجهم القريب من الأزمة التي عصفت بالسوق المحلية.
وزيرة الاقتصاد
وفي رأي الباحثة الاجتماعية عبير الشمري أن المرأة هي وزيرة الاقتصاد المنزلي، فهي المسؤولة عن المأكل والمشرب وكل السلع التي يستخدمها أفراد الأسرة، بل إن النساء يتحكمن في 80 في المائة من حجم حركة التسوق في رمضان، لذلك يصبح من الضرورة تعليم المرأة الطرق الصحيحة للتداول السليم للمشتريات، فالمرأة تلعب دورا مهما في حماية المستهلك يتمثل في الحفاظ على أفراد أسرتها بالصورة المطلوبة.
التاجر والمستهلك
في المدينة المنورة ذكر تركي السالم ورزيق المطيري أنهما يعمدان إلى تسجيل متطلبات شهر رمضان الضرورية منذ وقت مبكر، ويتجهان إلى المحلات التجارية لشراء ما يريدانه، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنه ينبغي الحرص على انتقاء الوقت المناسب كفترة ما قبل الظهر على اعتبار أنها فترة هادئة نوعا ما قياسا ببقية الفترات على حد تعبيرهما، موضحين أن متطلبات رمضان يكون لها دور رئيسي في إنشاء علاقة ما بين التاجر والمستهلك تمتد على طول السنة، فيما يظل رمضان المعيار المناسب الذي نقيس به قوة المحلات التجارية.
طريقة التصنيع
وعلق سليمان العتيبي وعلي السهلي وأحمد المحضار أن الجميع يعلمون أن مسألة حجم المشتريات خاضعة لمدى حاجة المستهلك، لكن المسألة أصبحت تنافسية بين الناس، فالكل يريد أن يملأ مطبخه ومخزنه بالمواد الغذائية التي قد لا يعرف حتى كيفية صناعتها، فهو يشتري لمجرد الشراء، وإن كان ذلك قد تراجع كثيرا عن السابق بسبب الظروف المالية التي مر بها المستهلكون في السوق المحلية خلال الأعوام الأخيرة الماضية إلا أن الرابح الأكبر في هذه العملية هم أصحاب المحلات التجارية.
زيادة الوزن
ويركز منصور المحمدي على أمر يعتبره في غاية الأهمية بحسب قوله وهو أن فريضة الصيام لا توجد إلا في شهر رمضان، والحكمة منها كما هو معروف الشعور بحاجة المحتاجين والفقراء، لكن البعض أخذوا الأمر في اتجاه آخر، فتكون عرباتهم محملة بما لذ وطاب من صنوف الطعام والشراب فيأكلون في الليل ما يكفيهم ليومين وليس لصيام نهار، والنتيجة أن أوزان البعض تزداد في هذا الشهر الفضيل رغم أنه من المفترض وبالتماشي مع حكمة رمضان أن ينقص وزن الإنسان، مشيرا إلى أن فضلات الطعام تلقى بالأكوام في حاويات النفايات فهذه نعم أنعم بها الله علينا، تتطلب منا الاحترام والشكر والثناء لله على توفرها لنا في وقت تعجز شعوب أخرى عن إيجادها.
الشراء للفقراء
ورفض أحمد الجهني اعتبار من يملأ عربات التسوق بالمواد الغذائية مبذرا فربما يكون المستهلك صاحب عائلة كبيرة، أو أنه يصرفها كصدقات للمحتاجين والفقراء، وهذا أمر نعرفه في مجتمعنا السعودي قبل بداية شهر رمضان، مشيرا إلى أن هناك شخصا تربطه به علاقة، لا يوجد في منزله إلا هو وزوجته فقط، لكنه حين ينزل إلى السوق يشتري ما يكفيه سنة كاملة، فأسأله :هل تصرفون مثل هذا في رمضان فيخبرني بأنه يأخذ منها قدر الحاجة هو وزوجته ويوزع الباقي على المحتاجين.. وبمثل هذه الصورة فأنا مؤيد لكل من يفعل ذلك لكن إذا كانت تلك المشتريات له لوحده فأنا أرفضها تماما.
الضيوف هم السبب
من جانبه أكد عبد المجيد الجابري تفضيله لشراء العديد من الاحتياجات المنزلية بقدر قد يفوق حاجة منزله مبررا ذلك أنه في رمضان شهر تلتقي العائلات بعد فترات طويلة، وهذا يعني أننا سنقيم الولائم سواء على مائدتي الإفطار أو السحور، وذلك يجعلنا مضطرين إلى الشراء بكميات كبيرة خصوصا أننا في المدينة المنورة نعتبر أنفسنا مقصد معارفنا، فالعديد من الناس الذين نعرفهم يتجهون إلى المدينة خلال شهر رمضان من أجل الزيارة والصلاة في المسجد النبوي الشريف، وبما أن شهر رمضان تزامن مع إجازة نهاية العام الدراسي، فإن ذلك سبب إضافي يضطرهم إلى شراء المزيد من المواد الغذائية مع نهاية شهر شعبان.
خصوصية حائل
وفي حائل يرى أحمد الشمري أن جميع المستهلكين يتفقون على شراء المواد الأساسية في رمضان وهي الشوفان القمحي (الشوربة) وعجائن السمبوسة والفطائر والحلويات المتعددة، وهي الأكثر شراء من جميع شرائح المجتمع، لأن حضورها في الإفطار من الضروريات بجانب المشروبات المصنعة خصيصا لهذا الشهر وهناك أولويات تضعها سيدة البيت ولا يتحكم فيها الرجل وهي شراء ذبيحة خاصة لثلاجة البيت، وهذا الخروف يتم تقطيعه بشكل متوازن بحيث يكون هناك جزء منه لصحن الشوربة وجزء يفرم ويخصص للسمبوسة التي لا تحضر إلا في رمضان.
ويضيف سعود المبارك هناك بعض الأسر تحدد ميزانية خاصة أسبوعية لشهر رمضان، والبعض الآخر يخصص ميزانية على مدار الشهر وهي ثقافة جديدة جعلتنا نوفر الشيء الكثير من مرتباتنا حتى نهاية الشهر والبعض الآخر يتعامل مع الشراء بشكل تخزيني وكأن رمضان يدوم أشهرا طويلة، فأنا حاليا أتسوق للأشياء الضرورية فقط والبعض الآخر سأشتريه مع نهاية الأسبوع الأول من رمضان حتى يخف الزحام حيث يستغل تجار الجملة هذا الزحام في رفع الأسعار بشكل متفاوت مستغلين كل مستهلك مستعجل على تلبية طلبات مطبخه.
فيما يصف بعض المستهلكين بأنهم السبب الرئيسي في استغلالهم بسبب تزاحمهم رغم أن السوق مفتوح والأسعار متنوعة والسلع في كل مكان حيث يصبح شهر رمضان من الشهور التي تستنزف الجيوب خصوصا الأسر الكبيرة، مشيرين إلى أن بعض المواد خاصة (الحلويات والشوفان وعجائن السمبوسة) لا تحضر إلا في رمضان في جميع مناطق المملكة.
ويقول زومان الشمري: إنني أحرص على الشراء بكميات كبيرة بسبب أنني في قرية تبعد عن حائل 240 كم، وأحضر وجميع أبناء القرى المجاورة لشراء مستلزمات رمضان حيث نحمل ما نريده والبعض الآخر يتم تخزينه لصيام الستة من شوال كالدقيق والأرز وبعض مقاضي رمضان خوفا من نفادها في الأسواق فيما يسعى بعض التجار منذ تسلم رواتب شعبان لبث رسائل عبر الجوال والانترنت تفيد بوجود نقص في المواد الغذائية حتى يتسابق الناس على الشراء والتلاعب في الأسعار والذي طبق علينا في العام الماضي من قبل بعض تجار الجملة، ولكن هذا العام تعلمنا الدرس جيدا وأصبحنا نعرف ماذا نشتري وماذا نؤجل وماذا نحتاج.
ارتفاع الأسعار
وعن ارتفاع الأسعار في رمضان، توقع زمرة من التجار انخفاض معدل الاستهلاك والشراء مقارنة بالعام الماضي وذلك بسبب تغير عادات الناس الشرائية واكتسابهم ثقافة التسوق التي ربما كانت غائبة عنهم خلال السنوات الماضية حيث تعمد بعض الأسر لتأجيل خطتها الشرائية إلى الأسبوع الأول من رمضان بسبب توفر جميع السلع الغذائية وحملات التخفيض التي تطلقها كثير من المراكز التجارية لاجتذاب المتسوقين.
ففي جدة يرى سالم سعيد الزهراني أن ارتفاع الأسعار في السنة الماضية كان له أثر سلبي على القوة الشرائية حيث صادف شهر رمضان موجة غلاء في الأسعار وكان الناس حريصين على عدم الشراء بكميات كبيرة، وهذا ما سيختلف تماما هذا العام والسبب أن بعض السلع الغذائية انخفض سعرها والأهم من كل ذلك تأقلم كثير من الناس على الأسعار الحالية والتي استمرت على ارتفاعها منذ عام ونصف تقريبا.
وإلى ذلك يعلق عبد الله سلطان العوبلي أن حركة الناس تنشط لشراء مستلزمات رمضان ويستغل التجار الموسم في رفع الأسعار، وهو ما يشكل عبئا على ذوي الدخل المحدود وأسوأ ما يعكر صفو أجوائنا في هذا الشهر هو ارتفاع الأسعار معربا عن أمله في أن تفرض وزارة التجارة رقابتها على الأسواق وحماية المستهلك من جشع التجار واستغلالهم لهذا الشهر الكريم في جني أرباح طائلة على حساب الصائمين، فيما يشكو حمدان الحمزي من التجار الذين يحاولون رفع الأسعار قبل دخول شهر رمضان بأيام قليلة ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بعض التجار يجدون في هذا الشهر فرصة مناسبة للتخلص من بضاعتهم التي توشك على الانتهاء فيحرصون على عرضها أمام مراكزهم ومحلاتهم وبدون وعي نفرغ ما في جيوبنا دون أن نفكر!.
أما خالد الغامدي فيشير إلى أن بعض المواد الغذائية مازالت محافظة على ارتفاعها منذ العام الماضي، وما نلاحظه أنه لا تمر فترة قصيرة، إلا وتشهد بعض السلع تغيرا في أسعارها وللأسف التجار يستغلون الطلب المتزايد على المواد الغذائية في هذا الشهر في غياب الرقابة، فيعزف الناس عن شراء الكثير من المواد التي اعتادوا على شرائها في السنوات الماضية ويكتفون فقط بالضروريات وهذا ما اعتاد عليه الكثيرون منذ العام الماضي.
وفي تبوك عبر عبد الرحمن الحربي عن مخاوف الناس من انقلاب مؤشر الأسعار في اليومين القادمين وخصوصا مع الرواتب متذكرين ما مروا به خلال السنوات الماضية من تفاوت في الأسعار، فمثلا بلغ سعر الكيلو القهوة الهرري 18ريالا، وبعض الموزعين رفع الأسعار إلى 35 ريالا، نظرا لاهتمام الكثير من الأسر في تبوك باقتناء القهوة التي تعتبر رمزا للضيافة، حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع سنوي في مبيعات القهوة يصل إلى 15 في المائة، فضلا عن ارتفاع ملحوظ في أسعار الخضار في سوق الخضراوات والفواكه المركزي في تبوك من الكوسا والباذنجان من 12 ريالا للكرتون ليصل إلى 18 ريالا ، هذه الأيام وسيصل في رمضان إلى مستوى الثلاثين ريالا، نظرا لإقبال الأهالي على «المحاشي» وخلافه.
وأكد سامي الزهراني أن شهر رمضان هو موسم للتجار رغم التخفيضات من فترة إلى أخرى، ولكنها في حقيقة الأمر تخفيضات توضع على لا فتات المحلات لجذب المتسوقين إليها دون أن يقوموا بعمل التخفيضات المعلن عنها.
ويتفق معه في هذا الرأي جمعان الفران وخالد العتيبي مطالبين وزارة التجارة وحماية المستهلك بالقيام بجولات على هذه المحلات للتأكد من الأسعار وتواريخ صلاحية السلع والتخفيضات التي ملأت الشوارع سواء بالإعلانات الفردية أو ب «البروشورات»، بينما أشار سلطان البلوي إلى أن هناك فئات من المجتمع لا تستطيع شراء بعض المستلزمات كالأرامل واليتامى وذوي الظروف الخاصة.
رمضان والمبيعات
وعن حجم تصريف البضائع في رمضان أكد بعض مسؤولي المبيعات في المحلات التجارية أنها تتفاوت من محل لآخر بحسب الموقع، لكنهم أكدوا أن جميع المحلات التجارية يرتفع دخلها خلال شهر رمضان قياسا بباقي الشهور، واستثنوا شهر الحج على اعتبار أن دخلهم فيه يأتي من المستهلك المحلي والزائر على حد سواء.
وكشف سلمان الصالحي بائع سعودي في أحد المحلات التجارية الكبرى في المدينة المنورة أن هناك أنواعا من البضائع يكون تصريفها بطيئا طوال السنة، وهناك أنواع من الكريما والعصائر يكون الإقبال عليها متواضعا طوال السنة، وقبيل بداية شهر رمضان بخمسة أيام يبدأ المستهلكون في التهافت عليها، فنضطر في بعض الأحيان إلى تعبئة الرفوف أكثر من مرة لمجاراة حجم الطلب المتزايد عليها.
قوة شرائية
ومن جانبه يؤكد نزار جميل السيد، مدير تسويق في أحد المراكز المتخصصة في بيع المواد الغذائية أن الأسواق مكتظة كما في كل عام ولن تغيب الأصناف المعتادة عن السفر الرمضانية لكن الاختلاف الذي سيطرأ سيكون في الكميات فقط، مع توقعات بانتعاش المبيعات عن الماضي والسبب تراجع أسعار بعض المواد الاستهلاكية والتنافس الكبير بين التجار، فيما يشير جلال عزي بائع في مركز تجاري للمواد الغذائية إلى أن الطلب على السلع الرمضانية سوف يزداد في رمضان وآخر أيام شهر شعبان، وأن أغلب مراكز بيع المواد الغذائية قد استكملت استعداداتها لهذا الموسم حيث وفرت كل ما يحتاجه المستهلك من مواد استهلاكية وأخرى ضرورية بدون زيادة في الأسعار بل بأسعار أقل في الأيام التي تسبق شهر رمضان والسبب هو التنافس وكسب المزيد من الزبائن.
توافر السلع
وفي نهاية هذه القضية يؤكد مدير فرع وزارة التجارة في منطقة تبوك محمد الصائغ أن جميع السلع الرمضانية متوفرة وبكميات كبيرة في الأسواق وأن هناك لجانا يومية على هذه المحلات بدأت منذ شهر شعبان وتستمر على مدى أيام شهر رمضان للتأكد من نظامية الأسعار وإذا ما وجد أي تجاوزات في الأسعار فإنه سيتم تطبيق العقوبات وعلى الأهالي عند ملاحظة أي ارتفاع في الأسعار إبلاغ أقرب فرع لوزارة التجارة في المنطقة.
زيادة الإنفاق
يؤكد عضو جمعية الاقتصاد السعودي كبير أخصائيي تخطيط التسويق عصام مصطفى خليفة أنه ما أن يحين شهر رمضان المبارك حتى ترى استعداد الناس للشراء بطريقة مبالغ فيها، حيث يتدافع المستهلكون ويتزاحم المشترون على الأسواق وتكثف الإعلانات وتقام المهرجانات الاستهلاكية، ويتميز الأسبوع الأول من رمضان بزيادة حجم الاستهلاك الموجه للسلع والمنتجات الغذائية المتعلقة بشهر رمضان، في حين تتميز بقية الأسابيع من الشهر، خصوصا النصف الثاني بتصاعد معدلات الاستهلاك، والإنفاق على طلبات العيد من الملابس الجاهزة والأقمشة والعطور والأحذية ولعب الأطفال، مشيرا إلى أن المنطق يفترض أن يكون حجم المصروف اليومي في رمضان أقل بكثير من حجم المصاريف في الأشهر الأخرى، فخلال أحد عشر شهرا يكون حجم الإنفاق على الأكل والشرب كبيرا لأن عدد الوجبات يكون أكبر منها في رمضان، وأيضا لأن نزعة الاستهلاك عند الإنسان تكون موجودة خلافا لما هي عليه في شهر الصوم والعبادة، لذلك من المفترض أن يكون الإقبال على المغريات منعدما أو منخفضا على الأقل، والملاحظ أن إنفاق الأسر يتمدد ويزيد حتى يصل إلى ضعف الإنفاق المعتاد وربما أكثر والسبب مشتريات كثيرة واستثنائية لم تكن مدرجة على بنود الميزانية، فحسب تقديرات مختصين فإن إنفاق الأسر على الطعام والولائم يتزايد خلال شهر رمضان بنسبة تتراوح بين 50 و 60 في المائة عنه في بقية أشهر السنة، بينما 40 في المائة من الوجبات التي يتم إعدادها تذهب إلى صناديق النفايات، ومن هنا يعاني معظم أرباب الأسر على مختلف مستوياتهم ودخولهم من المصروفات الزائدة وتحول ميزانية رمضان إلى عبء ثقيل على كاهلهم، ساعد على ذلك عدة عوامل منها ارتفاع أسعار معظم السلع الضرورية والكمالية بشكل مبالغ، إضافة إلى استغلال الفرصة من قبل أصحاب المحلات كموسم للربح، كما أن الصرف المبكر للرواتب ساعد على زيادة المصروفات، وبالتالي زاد من أعباء وهموم الموظفين والعمال وتعرضهم إلى معاناة كبيرة في انتظار قدوم راتب شهر شوال..
ويؤكد خليفة أن شهر رمضان لم يفرض لأجل الأكل كما يعتقد الكثيرون ولم يفرض لأجل الربح، كما يعتقد الباعة والتجار ولا لتكثيف النشاطات الفنية، وإنما فرض للعبادة ومسح الذنوب وكسب الغفران من العلي القدير، ولتربية الإحساس بالآخرين، من المحتاجين والمعوزين الذين لا يجدون إلا ما يسد رمقهم، فيأتي رمضان ليتساوى الجميع في هذا الإحساس بألم الجوع والعطش لساعات معدودة، ثم يبادر الناس للإفطار بعد غروب الشمس، ولكن هذه المعاني تكاد غائبة، ونجد أنفسنا نغطس في طوفان الإسراف والاستغلال، فكيف يعتقد التاجر بأنه صام شهر رمضان، وهو قد عمل جاهدا لأجل شفط ما في الجيوب من خلال استغلاله الشهر المبارك ورفع أسعار مبيعاته والغش فيها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.