من شاهد المتسوقين والمتسوقات قبل دخول رمضان، تخيل أن محلات المواد الغذائية والسوبر ماركت قد أعلنت أنها ستغلق أبوابها بعد يوم أو يومين، وأن من لم يلحق قبل دخول رمضان ويتزود بما يحتاجه هو وجيرانه وشارعه كاملاً فلن يتمكن بعدها من توفير متطلبات عائلته! عربات ثلاث وأحياناً أربع تترك أمام الكاشير وفي الممرات في انتظار أصحابها الذين لم يكتفوا بعد، ويجوبوا السوبرماركت من أجل تعبئة عربة أخرى، واستكمال ما هو مكتوب في الورق، وما سيكفي الشهر حتى العام القادم. الغريب أن هذه الصورة تتكرر في نهاية الشهر، وبالذات ليلة استلام الرواتب ولمن لم يتذكر، أو لا علاقة له بالوظيفة الشهرية و25 الشهر عليه أن يذهب إلى محلات السوبر ماركت بالذات في هذا التاريخ ليكتشف أن الزحام على أشده وأن التراكض في البحث عن الطعام يعكس اننا مقبلون على مجاعة ولابد أن نستعد لها، فالأسر تشتري وتشتري وتقرأ في أوراق التخفيضات التي تعلنها المحلات نهاية كل اسبوع فهذا منتج بقيمة النصف من قيمته الأصلية، وآخر لن تجده بعدها مخفضاً، والأطرف في كل ذلك ولم أستطع استيعابه «95 هللة» كل منتج بكذا و95 هللة. ولمن يرصد المشتري السعودي بالذات سيجد أنه يشتري ما يلزمه ولا يلزمه والدليل كميات الأطعمة المنتهية الصلاحية في المنازل عند مراجعتها بين فترة وأخرى، كميات سبق شراءؤها ولم تستعمل وخضع المشتري فيها لإغراء الشراء فقط بعيداً عن قياس قدرته المالية أو توزيع راتبه على الشهر كاملاً بدلاً من تبديد جزء كبير منه في أول يوم لاستلامه. ورغم الشبع الذي نعيشه والحمد لله إلا أن الصورة في السوبر ماركت تعكس أن الناس يمرون بحالة مجاعة، وأنهم يتسابقون لتبديدها وأيضاً للاستعداد لها إن حصلت مستقبلاً، خاضعين لاغراءات الشراء، ولمتعة التسوق، وللخطط الناجمة التي يرسمها أصحاب المحلات ليفرغوا جيوب من يشترون منهم حتى البسطاء وغير القادرين الذين أصبحوا يجدون المتعة في التسوق في السوبر ماركت والمراكز مع أفراد الأسرة دون أي حساب أو خطة قبل أن يبادروا بالتسوق. ويقول الباحثون إن المتسوق رغم حرصه قد يجد في بعض الأحيان ان قائمة مشترياته قد فاقت الحد الذي حدده في البداية لكن إن كان يريد ضبط مشترياته فعليه أن يجري تعديلات بسيطة في خطة تسوقه حتى لا يخضع لاغراءات الشراء وأهمها: - التأكد من الشعور بالشبع قبل التوجه إلى السوق، حيث بينت الدراسات ان المتسوقين الجائعين ينفقون أموالاً أكثر في كل شيء، لأن غريزة التملك تستحوذ على تفكيرهم ما يجعلهم يرغبون في شراء كل شيء، لكن تناول وجبة خفيفة قبل الخروج من البيت يخضع هذه الغريزة للسيطرة. - «سلوك طريق مختلف» بمعنى ان استخدام نفس الطريق الذي يقودك إلى السوق يجعلك تتعرف آلياً لعدم وجود ما يثير اهتمامك في الطريق المعتاد وعليه لن تبدي اهتماماً بمشترياتك، لكن سلوك طريق جديد يثير اهتمامك ويجعلك تهتم بمشترياتك ايضاً. - «تجاهل تحديدات الشراء للسلع» بطاقات تحديد الحد الأقصى للشراء للزبون في المحال التجارية هي في الحقيقة طريقة لدعم المبيعات لأنها تجعل الزبون يعتقد أنها صفقة جيدة، لكن المهم هو تقييم العرض على أساس السعر فقط دون الكمية. ما توصل إليه الباحثون أو الدارسون يختص بالمجتمعات الأخرى كما يبدو لأن أغلب المتسوقين لدينا يتسوقون في الليل وهم في منتهى الشبع، ويترددون على طرق متعددة، ومحلات مختلفة والصحف وهذه المحلات تخدمهم وتركض خلفهم كل اسبوع بالتخفيضات الوهمية، وبالتالي هم يسلكون كل الطرق، وكل الأحياء، ويصلون إليها ممتلئين بالرغبة في الشراء على أساس ان كل ما في المحل سيشح غداً، ممتلئين بالنقود، ولكن فارغين من خطة أو ميزانية أو تحديد مبلغ مالي للمشتريات يتناسب مع الراتب، وايضاً التزامات الشهر الممتد، واحتياجات الأسرة كاملة. الشيء الذي لم يعد مذهلاً قبل دخول الشهر الكريم هو تكدس عشرات العربات المملوءة بالأطعمة في ممرات السوبرماركت، وأمام الكاشيرات، بعد أن غادرها من ملأها هرباً من الانتظار للحساب، والوقوف لساعات حتى الوصول إلى الكاشير، ورمضان كريم.