اصح يا نايم.. وحد الدايم.. قل نويت بكرة إن حييت.. الشهر صايم. ذلك ما كان يردده «المسحراتي» في أزقة وشوارع المدن العربية العتيقة، و«المسحراتي» هو الرجل المنوط به تنبيه النائمين إلى تناول وجبة السحور في رمضان مستخدما طبلة. بدأ الظهور الأول للمهنة في عصر الدولة الفاطمية في مصر، حينما كان جنود الحاكم بأمر الله يوقظون النيام من بيوتهم في القاهرة، وزحفت على معظم الدول العربية حتى اختفت تماما منتصف الستينيات الميلادية حين راج الراديو والتلفزيون ومكبر الصوت. عرف السعوديون «المسحراتي» وتعاملوا معه على نحو مباشر في مدن مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة وأجزاء من المنطقة الشرقية، وسكنت حواري جدة العتيقة كالمظلوم واليمانية والرويس أصوات وسحنات رجال يلتف حولهم الصغار ويجوبون الأحياء قبل الإمساك بساعتين يوقظون الناس ويحصلون منهم على بعض الأطعمة. حين طغت وسائل الحياة الحديثة على عادات الناس توارى «المسحراتي» عن الأنظار، لكنه بقي ملء السمع عبر برامج الإذاعة، التي بدأها المغني المصري الراحل سيد مكاوي حينما قدم على مدى سنوات شخصية «المسحراتي» وأضاف إليها الكثير من الأدعية والموشحات الغنائية. إذا هجرنا «المسحراتي» ولم تعد أزقة حوارينا العتيقة تتلقفه لكنه في مهرجان «جدة غير» ظهر فجأة رمزا وبقي في الإذاعة شخصية رمزية تاريخية. ويعيد مهرجان «جدة غير 32» المسحراتي والحكواتي والشخصيات التراثية الشهيرة في ليالي شهر رمضان عبر عدد من النشاطات الموزعة على فنادق وأسواق ومراكز جدة التجارية. وتستمر الفعاليات التي يرعاها أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل حتى العاشر من شوال المقبل، بهدف جذب أكثر من أربعة ملايين زائر وسائح إلى عروس البحر الأحمر في أطول مهرجان تشهده المملكة الذي يستمر لمدة 70 يوما. وأوضح مدير قطاع السياحة والفعاليات بالغرفة التجارية الصناعية بجدة محمد الصفح أن الفعاليات الرمضانية تتوزع على عدد كبير من أماكن الترفيه والجذب السياحي بجدة، حيث تنظم قاعة إسماعيل أبوداود بالغرفة التجارية الصناعية بجدة محاضرات وندوات من السادس وحتى 19 رمضان، بينما يستقبل مركز جدة للمنتديات والفعاليات التابع للغرفة الشهر الكريم بخيمة كبيرة تقدم الأكلات الشعبية والمسابقات والهدايا وسيكون الدخول مجانا خلال الفترة من 11 إلى 30 رمضان. وبين أن الفعاليات الرمضانية تتوزع على عدد من الفنادق والأسواق، ويظهر الحكواتي والمسحراتي طوال أيام الشهر الكريم عبر خيمة نصبت في أحد الفنادق الشهيرة التي جرى إعدادها خصيصا من أجل إعادة ذكريات الشهر المبارك.