بداية المسحراتي كانت في العهد العباسي ب «أبو نقطة» في بغداد، ثم مصر التي اكسبت هذه الوظيفة الرمضانية الشهرة خلال عصر الدولة الفاطمية وكان جنود الحاكم بأمر الله يوقظون النيام من بيوتهم في القاهرة، وزحفت على معظم الدول العربية الى ان اختفت في الستينيات الميلادية، ومنذ تلك البداية وما بعدها تتجدد الذاكرة بالحنين الى ذلك الماضي، وان كانت لا تعني مع المسحراتي غير الايقاعات التي تكسر صمت النائمين في الماضي، ويعود ظهور «المسحراتي» الى الاحساء ومدن الحجاز، حتى طغت وسائل الحياة الحديثة على عادات الناس فغاب المسحراتي، ولكن حضوره في الاذاعة والتلفزيون عاد من خلال الراحل سيد مكاوي مقدما هذه الشخصية بالموشحات الغنائية. وظهرت محاولات لاستعادة تلك الملامح التراثية ضمن اطار التنوع السياحي باعتبار فعاليات الاجازة متواصلة في ليالي رمضان، وتم اختيار الشخصية للحضور في بهو الفنادق وايضا في الاسواق الى جانب الحكواتي الذي اشتهر بالتسلية القصصية للكبار والصغار في الماضي، وداخل خيام مطرزة بخطوط وألوان ترمز الى ذلك الزمن، تجد الفكرة اقبالا في المتابعة وان كانت محدودة العدد الا ان الجهات المنظمة تعتقد المجال ممكنا للتطوير بما يحقق الهدف تعريفا بادوار الاتصاليات التي تمارس من خلال الحكواتي والمسحراتي في تقديم الواجهة السابقة بتوثيق للتواصل بين الاجيال والاستفادة منها كعبر وخاصة في الجوانب الاجتماعية من حيث القدرة على التكيف مع الظروف وفقا الى ما يتاح من امكانات بالرغم من بساطتها. وظهر اكثر من مسحراتي بفندق الهلتون والدار البيضاء بزيه التقليدي وطبلته الشهيرة معيدا ذكريات الشهر المبارك، بمسمى لهذا النشاط اخذ عنوانه في تأكيد المشهد ما بين عراقة الماضي وإشراقة الحاضر، وحرصت فنادق جدة على هذا الحضور في تزامن مع اقامة معارض تراثية للأزياء من جميع مناطق المملكة. وقال مسئولو اللجان السياحية ان فعاليات التراث الشعبي في المولات والمراكز والفنادق حققت نجاحا واضحا بهذه الاضافات، ويلفت الانتباه الى ذلك زيادة الاقبال باعداد كبيرة في ليالي الاسبوع الاول من رمضان، كذلك فان تخصيص خيام للازياء التراثية للنساء في هيلتون جدة يشهد النسبة الاكبر من الحضور، وهدفت عملية احياء التراث الى تعدد المواقع لاتاحة الفرصة لاعداد اكبر من السكان والزوار للاطلاع والاستمتاع بالبرامج الرمضانية، ومن ذلك اقامة خيمة كبرى في مركز السلطان مول يتواجد بها الحكواتي ومسحراتي رمضان في اجواء من عبق الماضي والزمن الجميل حيث تقدم المأكولات الشعبية والترفيه لكل أفراد الأسرة. «اليوم» رصدت النشاط في الخيام التراثية وكان حديث الزوار من فئة الشباب يوضح انبهارهم بهذه الشخصيات التي تقوم بالدور الاعلامي ومقارنة الحكواتي بالمسلسلات التلفزيونية، والمسحراتي بمهمة التطوع في خدمة المجتمع، ويقول سعود منصور الحيد «24 عاما» ان الفكرة جيدة في التعريف بما كان عليه الحال في زمن الآباء والاجداد وكيف يقضون ليالي رمضان قبل وسائل الترفيه والتسلية الحديثة.