تواصل ساعة رقمية في مكان مرتفع في ميدان بعاصمة جنوب السودان جوبا العد التنازلي لاستقلال المنطقة وانفصالها عن الشمال، وتحمل رسالة تقول: «مرحبا بالدولة السادسة في شرق إفريقيا». ولكن رغم ذلك سيظل جنوب السودان، المقرر أن ينفصل بعد غد، مرتبطا اقتصاديا بالشمال وذلك من خلال خطوط أنابيب النفط التي تنقل الخام من الجنوب إلى ساحل البحر الأحمر. ويبذل الجنوب كل ما في وسعه لمد خطوط اتصال مع بلدان إلى الشرق والجنوب منه وأغلبها يشترك معه في جانب من ثقافته أملا في أن ينأى بنفسه بعض الشيء عن الاعتماد على الشمال، خصم الحرب الأهلية الأخير. ويهيمن كينيون وأوغنديون وإثيوبيون بالفعل على المتاجر في أسواق جوبا التي تضج بالحركة ويصلحون كل شيء من الدراجات النارية إلى الأحذية وصولا إلى بيع الخضراوات والأطعمة الساخنة وكل أنواع السلع المنزلية. وأثارت سيطرة أفارقة من شرق القارة على متاجر السوق قدرا من الاستياء المحلي. لكن تجارا أجانب يقولون إنهم محل ترحيب بوجه عام. ومن الصعب الحصول على إحصاءات حديثة بشأن حجم تجارة جنوب السودان مع شرق إفريقيا. لكن يمكن القول إن تلك الأرقام تتضاءل أمام حجم قطاع النفط الذي تمثل إيراداته نحو 98 % من إجمالي إيرادات المنطقة. ويقول الجنوب إنه يريد الانضمام إلى تجمع شرق إفريقيا التجاري. ويرى محللون أن الجنوب ربما يكون قادرا على إضافة مليار دولار إلى ميزانيته السنوية بالحصول على مزيد من الإيرادات النفطية بعد الانفصال. ويعني هذا كله أن العلاقات مع الشمال ستظل لها الأولوية رغم أن الطرفين لم يتفقا حتى الآن على كيفية إدارة إيرادات النفط وقيمة الرسوم التي سيحددها الشمال لاستخدام الجنوب لأنابيب نقل الخام. وقال بعض الزعماء الجنوبيين إنهم يرغبون في إنشاء خطوط جديدة عبر كينيا وأوغندا، لكن مثل هذه البرامج ستستغرق أعواما. في الوقت نفسه حرص رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير على أن يؤكد للعالم أنه لا مصلحة له في العودة إلى صراع مفتوح مع الشمال أيا كانت الظروف والأحوال.