ربط كثير من المستثمرين العقارين فوضى الأسعار في الأراضي والعقارات الأشهر الأخيرة وارتفاعها بشكل جنوني بممارسات المكاتب العقارية المنتشرة في كافة أحياء وأزقة المملكة، وفي المقابل لم ينكر كثير من أصحاب المكاتب العقارية انتشار الفوضى والعشوائية في عمل المكاتب، مرجعين ذلك إلى سيطرة العمالة الوافدة على تلك المكاتب؛ حيث يحصل المستثمر السعودي على ترخيص المكتب ثم يترك العامل الوافد مسؤولية إدارته بحرية مطلقة، ويتفق العقاريون على ضرورة تطبيق اللوائح المنظمة لعمل المكاتب لضمان استقرار السوق. ويؤكد رجل الأعمال فايق الصالح أن المكاتب العقارية بالفعل تعيش حالة من الفوضى وأصبحت معها عبئا على السوق العقارية؛ حيث إنها لا تتبع القواعد التجارية والاستثمارية ولا تقوم بأداء عملها بطريقة نظامية، مشيرا إلى أنها ترتكب كثيرا من المخالفات، ولا تلتزم بالسعودة أو تهتم بتدريب الشباب السعودي على العمليات العقارية: «وفي تقديري أنها غير منظمة ولا تعمل بحسب الأسس العقارية، وتفتقد لكثير من الأدوات المهنية في نشاطها فضلا عن أنها لا تملك خططا لعملها ما يجعلها مصدرا للقلق على أداء السوق العقارية». ويدعو الصالح إلى مكافحة تلك الفوضى التي تضرب نشاط المكاتب العقارية بمعالجة الخلل في أدائها خاصة في ظل ضعف معايير ضمان الحقوق للمتعاملين مع هذه المكاتب، التي أصبحت تتعامل بصورة متجاوزة لتوثيق الحقوق وعدم العناية بسلامة الوثائق الشرعية والرسمية مما يؤدي بدوره إلى تداخل الملكيات، بجانب ارتفاع أسعار العقارات دون مبرر، وتعزيز المضاربات ونشر الشائعات غير الصحيحة على المواقع العقارية. تشويش عقاري ويرى رجل الأعمال محمد آل مسبل أن عدم تقيد المكاتب العقارية باللائحة المنظمة لعملها لا يتناغم مع الطموحات في الاستثمار العقاري، ويقول إن السوق تعمل من خلال قاعدة مالية تبلغ 300 مليار ريال؛ ولذلك لا بد من أن تعمل هذه المكاتب برؤية ونظام واضح حتى لا تشوش على هذه الاستثمارات وعلى قيمتها السوقية وإعطاء السوق سمعة غير جيدة مما يضعف الثقة بين أطراف العملية العقارية. ويشير آل مسبل إلى أن عدم تصنيف وتنظيم المكاتب العقارية أحد الأسباب الرئيسية للعشوائية الموجودة في السوق حاليا، ويوضح أنها تتسبب في ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات وإهدار حقوق أطراف العملية العقارية، خاصة في ظل عدم وجود العقد الموحد الذي يوفر آلية منظمة لضبط العلاقة بين العقاريين والمستهلكين. سيطرة على العشوائية ويشير رجل الأعمال محمد القريان إلى أن التقديرات تشير إلى أن حجم الشركات والمكاتب العقارية العاملة في مهنة الوساطة ب 85 % من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع العقاري، ووفقا لتقرير عقاري لمجلس الغرف السعودية فإن 15% من العمالة في السعودية يعملون في القطاع العقاري والنشاطات المرتبطة به، فيما يبلغ متوسط النمو السنوي للعمالة فيه ب 5.1 %. ويضيف: «وفي وسط كل هذا الزخم فإن المكاتب العشوائية تسيطر على 50 % من السوق العقارية في جدة، وهناك نحو 300 مكتب عشوائي في الدمام والخبر، ويتولى التسويق في 65 % من المكاتب العقارية في الرياض غير سعوديين، ولذلك من الضروري أن تقوم الجهات المسؤولة بالتشديد في تطبيق اللائحة والأنظمة». ويوضح القريان أن لائحة تنظيم المكاتب العقارية تؤكد أن هذه المكاتب تجارية بطبيعتها وخاضعة بالتالي منذ إنشائها للأحكام الواردة في نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350ه ونظام السجل التجاري الصادر عام 1375ه، ولا يجوز فتح أي مكتب عقاري ما لم يكن مسجلا بالسجل التجاري؛ ويشترط لذلك أن يكون مملوكا بالكامل لشخص سعودي أو شركة سعودية مملوكة بالكامل للسعوديين، وأن يكون مديره المسؤول سعودي الجنسية، ومن خلال الواقع فإن كل ذلك يبدو صوريا وليس حقيقيا، حيث يدير ويعمل بهذه المكاتب وافدون، وغير ذلك من المخالفات لبنود اللائحة .