قال خبراء عقاريون: إن المرحلة الحالية تتطلب تصنيف المكاتب العقارية وتفعيل اللائحة التي تنظم عملها للتخلص من العشوائية والفوضى التي تعاني منها السوق. المكاتب العقارية تتصارع على المنشآت العقارية لاستغلالها (اليوم) واكدوا، أن التصنيف المنشود ينبغي أن يتم من خلال ثلاثة مسارات، أولها، المكاتب التي تقوم بالتطوير والبناء والتخطيط، وثانيها، المكاتب التي تعنى بالتسويق والوساطة العقارية، وثالثها ،المكاتب التي تقوم بإدارة الأملاك والتأجير والتوسط بين المالك والمستأجر. ويرى عقاريون أنه بدون تنظيم عمل هذه المكاتب ،فإن كثيرا من جهود تنظيم القطاع ستذهب أدراج الرياح، مؤكدين وجود نحو 300 مكتب عقاري عشوائي في الدمام والخبر وحدهما.
ويقول رجل الأعمال محمد سعد العبد الكريم: إن عدم تصنيف وتنظيم المكاتب العقارية أحد الأسباب الرئيسة للعشوائية الموجودة في السوق العقاري، مشيرا إلى أنها تتسبب في ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات وإهدار حقوق أطراف العملية العقارية، خاصة في ظل عدم وجود عقد موحد يوفر آلية منظمة لضبط العلاقة بين العقاريين والمستهلكين. واضاف العبد الكريم: إن عدم تقيّد المكاتب العقارية باللائحة المنظمة لعملها لا ينسجم مع طموحات الاستثمار العقاري بل إن وضعها الحالي يجهض الخطط العقارية، لأنها تفتقد النظام الذي يضبط مجمل نشاط السوق، مؤكدا أن السوق يتحرك في رساميل تبلغ 300 مليار ريال، ومن المهم أن تعمل المكاتب برؤية ونظام واضح حتى لا تعبث بهذه الاستثمارات أو تشوش على قيمتها السوقية وإعطاء السوق سمعة غير جيدة مما يضعف الثقة بين أطراف العملية العقارية. ودعا العبد الكريم الى تفعيل تصنيف علمي لهذه المكاتب وضبطها على بنود اللائحة المنظمة لعملها حتى تكون من الأدوات المتطورة في تنشيط السوق والتزامه بالتنظيم، وذلك يساعدها في مواكبة المتغيرات والتطورات ويجعلها شريكا حيويا في أعمال التطوير العقاري، لأنها يفترض أن تكون جزءًا من حل المشكلات العقارية وليست جزءا من المشكلة.
حجم الشركات والمكاتب العقارية العاملة في مهنة الوساطة يصل إلى 85 بالمائة من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع العقاري، وبحسب تقرير عقاري صادر عن مجلس الغرف السعودية فإن 15 بالمائة من العمالة في المملكة يعملون في القطاع العقاري والنشاطات المرتبطة به. فيما يؤكد رجل الأعمال علي الدوسري أن هناك فوضى حقيقية في نشاط المكاتب العقارية تتسبب في أضرار معنوية كبيرة للقطاع العقاري، وتخلق نوعا من عدم الثقة في الأداء الكلي للسوق، ولذلك لا بد من معالجة الخلل في أدائها خاصة في ظل ضعف معايير ضمان الحقوق للمتعاملين مع هذه المكاتب، التي أصبحت تتعامل بصورة متجاوزة لتوثيق الحقوق وعدم العناية بسلامة الوثائق الشرعية والرسمية مما يؤدي بدوره الى تداخل الملكيات، وحدوث ارتفاع في أسعار العقارات دون مبرر، الى جانب ما يتم أحيانا من تعزيز للمضاربات ونشر الشائعات غير الصحيحة على المواقع العقارية لتصريفها أو للحد من تداولها وتوجيه التداول لمواقع أخرى. وتابع الدوسري، « هذه المكاتب أصبحت عبئاً على السوق العقاري بممارساتها غير المنظمة التي لا تتبع فيها القواعد التجارية والاستثمارية وحتى الأنظمة التي تنظم عملها، حيث ترتكب فيها كثير من المخالفات في كثير من التفاصيل العقارية، فعلى مستوى السعودة فإنها غالبا لا توظف السعوديين أو حتى تهتم بتدريبهم على العمليات البيعية والشرائية والتسويقية لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهي أصلا غير منظمة ولا تعمل بحسب الأسس العقارية، وتفتقد لكثير من الأدوات المهنية السليمة في نشاطها كوجود قواعد بيانات لعملها، كما أنها لا تملك خططا لعملها ،الأمر الذي يجعلها مصدرا للقلق على أداء السوق والقطاع بأكمله بوضعها الراهن».
ويشير رجل الأعمال مطلق بن نبأ إلى أن لائحة تنظيم المكاتب العقارية تؤكد على أن هذه المكاتب تجارية بطبيعتها وخاضعة بالتالي منذ إنشائها للأحكام الواردة في نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350ه ونظام السجل التجاري الصادر عام 1375ه، ولا يجوز فتح أي مكتب عقاري ما لم يكن مسجلا بالسجل التجاري ،ويشترط لذلك أن يكون مملوكا بالكامل لشخص سعودي أو شركة سعودية مملوكة بالكامل للسعوديين، وأن يكون مديره المسؤول سعودي الجنسية، ومن خلال الواقع فإن كلّ ذلك يبدو صوريا وليس حقيقيا، حيث يدير ويعمل بهذه المكاتب وافدون، وغير ذلك من المخالفات لبنود اللائحة ،ومن ذلك أيضا أنه في حالة تعدد ملاك المكتب العقاري يعتبر الملاك متضامنين تجاه الغير في الالتزامات الناشئة عن الأعمال التي يقوم بها المكتب، وذلك ما لا يحدث الى حد كبير. ويضيف ابن نبأ: إن التقديرات تشير الى أن حجم الشركات والمكاتب العقارية العاملة في مهنة الوساطة يصل الى 85 بالمائة من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع العقاري، وبحسب تقرير عقاري صادر عن مجلس الغرف السعودية فإن 15 بالمائة من العمالة في المملكة يعملون في القطاع العقاري والنشاطات المرتبطة به، فيما يبلغ متوسط النمو السنوي للعمالة فيه يصل الى 5.1 بالمائة، وفي وسط كل هذا الزخم فإن المكاتب العشوائية تسيطر على 50 في المائة من السوق العقاري في جدة، وهناك نحو 300 مكتب عشوائي في الدمام والخبر، ويتولى التسويق في 65 في المائة من المكاتب العقارية في الرياض غير سعوديين، وبهذا الوضع لا يُرجى خير كثير من المكاتب العقارية ما لم تبادر الجهات المسؤولة الى التشديد في تطبيق اللائحة والأنظمة.