ما برح المجتمع السعودي يشهد تحولات اجتماعية تتفاوت بين الكبيرة والمتوسطة منذ توحيد البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، كدولة بمؤسسات وكيان سياسي واحد. وحتى بداية الستينيات الميلادية كان يغلب على المجتمع أنه مجتمع ريفي، حتى كان التحول التدريجي بنشر التعليم والمؤسسات الإدارية والحضرية. ثم جاءت الطفرة الأولى وبدايتها الفعلية عام 1975 ميلادية، واستمر تأثيرها العمراني والاجتماعي سنوات، حتى جاءت أحداث اقتحام الحرم عام 1400 للهجرة لتشكل تحولا اجتماعيا وفكريا كبيرين ليس هذا مقام نقاشه. إلا أن المجتمع السعودي عاش فترة ركود منذ ذلك الحين حتى أزمة الخليج التي شكلت بداية مرحلة سياسية واجتماعية وثقافية للمجتمعات الخليجية عموما ومنها السعودي، على أن الهاجس الأمني والسياسي كان هو المسيطر، مع حراك اجتماعي واقتصادي، فمثلا ظهرت مجموعة نساء سعوديات يقدن سياراتهن كمحاولة للفت الانتباه والمطالبة بحقهن في القيادة إلا أن الحكومة رأت أن المجتمع ليس مهيأ بعد لمثل هذا الأمر. عاود المجتمع استقراره ولله الحمد بعد أزمة الخليج وبدون حراك أو تحولات اجتماعية ملحوظة إذ ركزت الحكومة السعودية على إنعاش الاقتصاد ومعيشة المواطن. إلى أن دخلت المملكة كباقي الدول عصر المعلوماتية وثورة الاتصال مما حرك المياه الراكدة بل أحدث ارتباكا اجتماعيا واضحا بسبب سرعة دخول هذه التقنيات إلى فئات المجتمع كافة وعلى اختلاف الخلفيات التعليمية والاقتصادية، بل أفرزت بعض تلك التقنيات ومنها الهاتف الجوال و«البلوتوث» مشاكل اجتماعية وأمنية حتى اتهمت تلك التقنية بأنها مصدر البلاء ونسي البعض أنها أداة يمكن استعمالها في الخير والشر. ولا يمكن إغفال الحديث عن الإنترنت وأثره في العالم أجمع ومنه مجتمعاتنا العربية، ومجتمعنا أحدها، فقد كشف عن أمور كانت تحت السطح غير ظاهرة للجميع، وحدثت مع هذه التقنية ربكة اجتماعية ليست بالهينة ومشاكل وقضايا أمنية كما ذكرت.. وللحديث تتمة السبت المقبل، بإذن الله.