شهدت الدبلوماسية الصينية خلال الأيام القليلة الماضية نشاطا ماراثونيا وجولات مكوكية جاءت فى إطار سعي الصين للتعاطي مع طرفي الأزمة الليبية، ما أثار تساؤلات وعلامات استفهام كبيرة بشأن توجه السياسة الصينية. وبعد زيارة وزير الخارجية الليبي عبدالعاطي العبيدي إلى العاصمة بكين، وزيارة دبلوماسيين صينيين بالقاهرة إلى بنغازي، رحبت الصين أمس بزيارة مبعوثين من المجلس الوطني الانتقالي إلى بكين فى المستقبل القريب وأعربت عن استعدادها لتقديم المساعدات الإنسانية لليبيا. ومن قبل، اجتمع السفير الصيني لدى قطر بالدوحة مع زعيم المجلس مصطفى عبدالجليل. وكان هذا أول اتصال معلن بين الحكومة الصينية والمعارضة الليبية منذ اندلاع الأزمة الليبية مطلع العام. ووصف أحد الخبراء بالشؤون العربية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، الاتصالات مع المجلس الوطني الانتقالي بالتصرف السليم، وقال إن «أي حل سياسي يتطلب الإبقاء على اتصال مع الجانبين. ويمكن أن تؤدي الصين دور الوساطة في الأزمة. انخرط بعض الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا بشكل عميق في الأزمة الليبية وتشن غارات يومية ضد معمر القذافي، فيما تغير روسيا سياساتها تجاه طرابلس» وأضاف أنه بذلك تكون «الصين هي الدولة الوحيدة المحايدة التى تبذل جهود وساطة مع منظمات أخرى مثل الاتحاد الإفريقي. ولا يمكن أن تجرى هذه الوساطة بدون اتصالات كافية مع جميع الأطراف، كما ينبغي أن نعبر بوضوح عن اهتمامنا بحماية مصالح الصين في الخارج وبالذات في ليبيا» وأكد مصدر في وزارة التجارة الصينية أن بكين ستولي اهتماما أكبر لحماية مصالحها وممتلكاتها في ليبيا، وتقليل خسائرها وضمان سلامة استثماراتها من خلال الاتصال مع طرفي الصراع في طرابلس وبنغازي على السواء ومواجهة حالة عدم اليقين التي لا تزال تخيم على المشهد الليبي. وختاما يمكن القول إن اتصال الصين مع طرفي الصراع فى ليبيا لا يمثل تغييرا فى سياستها الخارجية المتمثلة فى احترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها وكذا خيار الشعب الليبى، وإنما يرمي هذا الاتصال أساسا إلى إيجاد سبيل سلمي لتسوية الأزمة الراهنة والحفاظ على المصالح الصينية هناك، دون التدخل فى الشؤون الليبية أو محاولة تطويع الموقف لتعزيز الهيمنة والنفوذ، كما تفعل أطراف أخرى على نحو لا تخطئه العين.