كيف يتمكن العالم من إطعام 8.9 مليار نسمة ستقطن الأرض بحلول عام 2050 وغالبيتها في الدول النامية؟ وكيف ستعيش مناطق معينة من العالم، كجنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي لن تكون قادرة على إطعام الجيل القادم من أهاليها؟. تساؤلات احتلت مكانة عالية على جدول أعمال اجتماعات الربيع السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، خاصة على ضوء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية. حذر مدير البنك الدولي روبرت زوليك من أن «المزيد من الفقراء يعانون، والمزيد من الأهالي قد يصبحون فقراء، وذلك بسبب أسعار المواد الغذائية المرتفعة والمتذبذبة». وأشار إلى أن نحو 44 مليون شخص دُفعوا بالفعل إلى هوة الفقر منذ يونيو الماضي، فقط بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ثم قال «علينا أن نضع الطعام في المقام الأول وأن نحمي الفقراء والضعفاء الذين ينفقون معظم مالهم على الطعام». لكن في حين يصف زوليك أسعار المواد الغذائية المرتفعة والمتقلبة بأنها «أكبر تهديد للفقراء في جميع أنحاء العالم»، فالواقع هو أن ندرة الغذاء ليس مشكلة مطروحة بعد بالنسبة لسكان العالم الذين يتوقع أن يتجاوز عددهم ليبلغ سبعة مليارات نسمة هذا العام. ومع ذلك، فيحذر الخبراء من أن الطلب على الغذاء -ليس فقط من جانب عدد أكبر من الأفواه ولكن أيضا بسبب ارتفاع مستويات الدخل في الاقتصادات الناشئة- سوف يتجاوز الإنتاج الزراعي في العقود المقبلة. وطبقا لحافظ غانم، المدير العام المساعد لشؤون التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة، فإن العالم لا يعاني نقصا في الطعام في الوقت الحاضر. ومع ذلك ينمو الطلب الإجمالي بنحو 2 %، بينما تزداد الغلة بنسبة 1 %. وحذر غانم من أنه فيما يجري الحديث على المستوى العالمي، فسوف تكون هناك مناطق معينة لن تكون قادرة على إطعام سكانها بحلول عام 2050، وهي مناطق ذات كثافة سكانية ضخمة مثل جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكنه أوضح أنه لو استثمر العالم بما فيه الكفاية، لتوفر ما يكفي من الموارد لإطعام الجميع في عام 2050. وينفق سكان العالم النامي على الطعام ما بين 30 و80 % من الدخل المتاح ما يعرضهم للضعف الشديد لارتفاع الأسعار، وحيث يعيش في دوله الجزء الأكبر من ملياري شخص يعانون اليوم من سوء التغذية ومليار شخص جائع؛ وحيث انعدام الأمن الغذائي مشكلة متفشية. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تنمو العديد من الاقتصادات الناشئة وبسرعة وخاصة الصين والهند بأكثر بكثير من مليار نسمة في كل منهما. وهذا يضاعف من الطلب على الغذاء وفقا للخبراء، لأن الأسر ذات الدخل الأعلى تميل إلى تناول المزيد من البروتين، فضلا عن إطعام الحيوانات التي يتغذون على لحومها. ويقدر الخبراء أن نحو 35 % من الحبوب المنتجة في العالم تخصص لتغذية الماشية. إضافة إلى ما سبق، سيواصل الحضر زحفه في العقود المقبلة، حيث تقدر الأممالمتحدة أن تفقد المناطق الريفية 560 مليونا من سكانها بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2009، ما سوف يعني سحب الأهالي بعيدا عن القطاع الزراعي ويزيد من الطلب على الغذاء. ومن بين أهم العقبات لتلبية النمو السريع في الطلب على الغذاء، تزايد دمار المحاصيل بسبب التغيير المناخي، وخطر تناقص حصة المياه للزراعة نتيجة لزيادة الطلب على مياه الشرب؛ والافتقار إلى التنوع الزراعي، وزيادة تعرض المحاصيل للآفات، ومحدودية كمية الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، إضافة إلى تزايد مشاكل إزالة الغابات من أجل زراعة الحقول. كذلك توجد عقبات أخرى مهمة، كاجتثاث الحكومات لحوافز الاستثمار في زراعة المواد الغذائية، وتحديد أهداف لإنتاج المحروقات الزراعية تقضي بزرع محاصيل إنتاج الوقود بدلا من الغذاء، والتعريفات الجمركية، وإعانات تشجيع الإنتاج في الاقتصادات الصناعية، وكلها عوامل تثني الدول النامية عن تشجيع الزراعة والإنتاج الغذائي، علما أنها الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي وارتفاع أسعار المواد الغذائية. هذا، وفي حين لا يوجد أية حلول سريعة من أجل منع وقوع كارثة وشيكة، يشدد الخبراء على الحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات العالمية للزراعة لزيادة إنتاج الغذاء، وتكثيف الاستثمار في مجال الري الأساسية والتخزين، وزيادة الاستثمارات في البحوث، وتطوير التقنيات المبتكرة ذات الإنتاجية العالية، وغيرها