تفيد ورقة عمل أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» ونشرتها على موقعها الإلكتروني أمس، بأن أشد الأقاليم فقراً وأعلى معدلات جوع مُزمن، يُحتَمل أن تكون من بين الأسوأ تضرُّراً جرَّاء ظاهرة تغيُّر المناخ. ويمكن أن يتزايد اعتماد بلدان نامية، بخاصةٍ في أفريقيا، على واردات الغذاء. وتقدِّر ورقة العمل التي تطرحها «فاو» للنقاش على منتدى رفيع المستوى للخبراء، يُعقد يومي 12 و13 تشرين الأول (أكتوبر)، لدرس استراتيجيات «إطعام العالم عام 2050»، أن الآثار بالنسبة إلى إنتاج الغذاء حتى 2050 على الأقل، لن تتجاوز الحدّ الأدنى، لكنّ توزيع الإنتاج قد ينطوي على عواقب وخيمة للأمن الغذائي. وتحذِّر ورقة العمل من أن الإنتاج الزراعي في البلدان النامية قد يواجه هبوطاً بين 9 و21 في المئة نتيجة لارتفاع معدلات درجات الحرارة. وتؤكد الورقة المتخصّصة، أن تغيُّر المناخ يبرز اليوم في مقدمة التحديّات الرئيسّة التي تواجه قدرة الزراعة على تلبية الاحتياجات الغذائية لسكان الكوكب، ويتوقع أن تبلغ أعدادهم نحو 9.1 بليون بحلول 2050. وتضيف، «في تلك الأثناء، تنطوي خيارات عدة يتيحها القطاع الزراعي للتخفيف من حِدة تغيُّر المناخ، على فوائد كامنة، تعزيزاً للأمن الغذائي وقُدرات التكيُّف لعواقب الظاهرة. ومن أبرز الأمثلة الواعدة في هذا السياق احتجاز الكربون بوتيرة متزايدة في التربة من خلال تعزيز أنشطة الزراعة الحرجية، وصَون الغابات، والتقليل من العزق (رفع الحجار)، إضافة إلى رفع كفاءة إدارة المغذّيات وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة. ويتوقع خبراء في «فاو» أن ينعكس تغيُّر المناخ سلباً على نظم الزراعة والغابات نتيجة ارتفاع معدلات درجات الحرارة، وزيادة تركُّز غاز ثاني أكسيد الكربون، والتبدُّلات في أنماط هطول الأمطار، وانتشار الأعشاب الطفيليّة والآفات والأمراض. وأن يزداد في المدى القريب، تردُّد الأحداث الحادّة مثل الجفاف، وموجات الحرارة المرتفعة، والفيضانات والعواصف العنيفة. وتُطلق الزراعة نحو 14 في المئة من الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري. وتلاحظ ورقة العمل التي أعدتها «فاو» للنقاش من قِبَل منتدى الخبراء المنتظر، أن أيّ جدول للأعمال يتناول قضية تغيُّر المناخ، لا بد من أن يستعرض مساهمات الزراعة المحتملة في جهود التكيّف للظاهرة والتخفيف من وطأتها ويقوّمها، بطرح خيارات تُراعي صَون مساهمة القطاع في تدعيم الأمن الغذائي وتنميته. الآثار على الأمن الغذائي وتُورد ورقة العمل، أن تغيُّر المناخ يشمل الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي وهي: تأمين الغذاء، وقدرة الوصول إليه، وقدرة استخدامه، واستقراره. وبالمقياس الكَمّي لتأمين الغذاء فإن زيادة تركّزات ثاني أكسيد الكربون في الأجواء قد تنعكس إيجاباً على تعزيز غلال محاصيل عدة، حتى وإن ظلّت المتحصّلات الغذائية للمحاصيل بلا تحسّن نوعي إزاء التحسّن الكمّي. ومن شأن تغيُّر المناخ أن يزيد حدّة تقلبات الإنتاج الزراعي على امتداد المناطق، مع التفاقُم في تَردُّد الأحداث المناخية الحادّة. في حين تتعرّض أفقر المناطق إلى أعلى درجات عدم الاستقرار في الإنتاج الغذائي. وفي المتوسط، يقدَّر أن تواكِب أسعار مواد الغذاء الارتفاع المعتدل في درجات الحرارة بزيادات طفيفة إلى عام 2050. وتتبدّل الصورة في أعقاب 2050 نتيجة الزيادات اللاحقة في درجات الحرارة، ما يرتّب تناقصاً محسوساً في طاقة الإنتاج الزراعي لدى الُبلدان النامية، ما يَستتبع ارتفاعاتٍ أعلى في الأسعار. ويحتمل أيضاً أن ينطوي تغيُّر المناخ على تعديلاتٍ في ظروف أمان المواد الغذائية وسلامتها مع تزايُد ضغوط الأمراض المنقولة والوافدة عبر الحاضنات، والماء، وتلك المحمولة بواسطة الغذاء ذاته. ويترتّب على ذلك هبوطٌ كبير في الإنتاجية الزراعية، وفي إنتاجية الأيدي العاملة ويفضي إلى تفاقُم الفقر وزيادة معدّلات الوفيّات.