تقتضي المرحلة المقبلة من صناع الدراما المحلية مواكبة التطورات التي يعيشها المجتمع السعودي وإبراز الرخاء الذي يعيشه المواطن ومواكبة تطلعاته الحقيقية في رؤية عمل يتوازى مع نبض الشارع بعيدا عن الخذلان والإسفاف الذي كان سمة اختصت بها بعض المسلسلات في السنوات الأخيرة، والتي يهتم فيها بعض الفنانين بالحضور دون أن يكون لديهم ما يقدمونه للناس سوى بعض المشاهد غير المترابطة، والتي تفتقد الرؤية الإنتاجية الواضحة والنسق الثابت في بلورة الأفكار التي تحمل عمقا وتأثيرا يجعل من المشهد أن يتحول إلى حديث للمجالس وللنخب الثقافية المهتمة بواقع الدراما لدينا، فمن غير المنطق أن نشاهد أعمالا تزيد ميزانياتها عن خمسة ملايين ريال، وفي المقابل لا يرى الناس أثرا لهذه المبالغ الباهظة من الناحية الإنتاجية ومن ناحية غنى الصورة ووجود نص قوي يحرك الأحداث بتتابع وتسلسل فنتازيا كان أو منطقيا، وهذه المبالغ الكبيرة التي لا تنعكس على مرآة الشاشة تفتح أبوابا للتساؤلات إذا فتحناها قد يأخذ الحديث فيها فصولا لا تروق للبعض، لذلك يلجأ كثير من الفنانين إلى محاولة البحث عن مخرج للميزانية من خلال السفر لبعض العواصم هنا وهناك في محاولة لإقناع القائمين على التليفزيون أن العمل أنفق عليه بحجم المبالغ المخصصة له. وجميع من تابعوا مسلسل «سكتم بكتم» العام الماضي استغربوا أن يتم تصوير كامل العمل في «لوكيشن» واحد، وفي أحد أفقر أحياء العاصمة في زمن أصبحت تتباهى فيه كل الأعمال العربية بالحضارة والمنجزات التنموية، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن المسلسل لا يتناول بعدا تاريخيا أو ثقافيا أو يتناول «حدوتة» تاريخية، والأدهى أن العمل اعتمد على بطولة مطلقة لممثل واحد في نهج انتهى في أواخر الثمانينات الميلادية، ونأخذ هذا المسلسل كأنموذج كوننا نعول على المنتج المنفذ وبطل العمل الممثل فايز المالكي الكثير، كونه ممثلا من المفترض أن يكون تجاوز مرحلة التجريب ووصل إلى النضج نظير مشاركته في أعمال أخرى، والنموذج الثاني لما ذهبت إليه مسلسل «فينك» الذي كان بطريقة مسلسلات ال«سيت كوم» الأمريكية، واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الفنانين لم يلتقوا إلا على خشبة الأداء واحتوى على نص من أضعف النصوص التي قدمتها القناة الأولى في العشر سنوات الأخيرة، هذه الإشكالية أخشى أن تتكرر هذا العام كون أغلب من حصلوا على التعميد هذا العام هم نفسهم من حصلوا عليه رمضان الماضي، وننتظر ما سيقدمونه في الموسم الحالي ولاسيما أنه من المفترض أن يكونوا استفادوا من التجربة الماضية، وهذا ما أتمناه حقا!