تعد الدراما التاريخية واحدة من السمات الرئيسة للفضائيات في رمضان، إلا أن البعض يصفها بأنها حالة التكرار السنوي بين الرؤية الضيقة للشأن التاريخي، والتقنية التي لا تبحث عن الجديد لتخرج من حيزها الذي ارتدته منذ أعوام. وبالنظر إلى الدراما التاريخية في خارطة هذا العام، فالملاحظ أنها جاءت أقل تواجدا من الدراما الاجتماعية أو الكوميدية، حيث يرى المتابعون أن من أهم المعوقات التي تحول دون إنتاج عمل درامي مميز هو العائق الإنتاجي، وبرصد الأعمال المتواجدة حاليا، فإن من أبرزها مسلسل (القعقاع) من بطولة الفنان سلوم حداد إلى جانب كوكبة من النجوم منهم منى واصف، رفيق علي أحمد، نضال نجم، باسل خياط، حيث يجسد سيرة الصحابي القعقاع بن عمرو التميمي الذي كانت له اليد الطولى في معارك تحرير العراق والشام مثل اليرموك والقادسية، وكان اليد اليمنى. ويدرك الجميع أن هذا المسلسل وقع تحت تأثير العقبات الإنتاجية، الذي كادت أن تعصف بالعمل وتغيبه عن الظهور، وتعرض العمل لعقبات إنتاجية كبيرة كادت تودي به، حيث استغرق تصويره أكثر من عشرة أشهر بين المغرب وسورية، وهي بلغة إنتاجية فترة زمنية طويلة لتصوير عمل درامي، فالمسلسل المكون من قرابة 1600 مشهد خارجي وتدور تفاصيله في أربع مدن تم بناؤها.. وقرابة عشر معارك حربية، هذه الوضعية للنص خلقت هذا الوضع الإنتاجي الضخم الكبير الذي جعل من الميزانية تضعف، فالعمل يتطلب وجود مجاميع وقرى وإمكانات ضخمة حتى إن عدد الكوادر هائل، فهناك فريقا عمل أحدهما للمعارك والآخر للدراما. أما المخرج باسل الخطيب الذي يخرج عمل (أنا القدس) فقال: إن الدراما التاريخية تغفل العديد من الجوانب في بعض الأحيان، فتناولت عملا عن القدس تأخر كثيرا، وهو ما تحقق أخيرا. وأضاف مسلسلي الجديد (أنا القدس) تبدأ أحداثه من عام 1916 مرورا بالأحداث عن هذا فلسطين، ويصف الخطيب أن العمل ألقى الضوء على جوانب معتمة لهذه المدينة ليتعرف المشاهد والجيل الشاب على ما حدث، كما أن المسلسل حرص على إرسال رسالة واضحة أن هذه القضية عربية، فكانت بطولته شاملة من سورية ومصر، والأردن وفلسطين ومنهم عابد فهد، فاروق الفيشاوي، سعيد صالح، نضال نجم، منذر الرياحنة، عبير صبري، كاريس بشار، أسعد فضة، صباح الجزائري، وضاح حلوم. ويشير الخطيب أن الأعمال التي تتعلق بالتاريخ والعودة للماضي، فإن الجانب الإنتاجي لها يكون مكلفا للغاية حيث يكون الديكور هما والأزياء التي تتواءم مع المرحلة وتمثلها جهدا مضاعفا، والأمكنة تتطلب مقاربة شديدة، ولهذا يعزف الكثير من المنتجين عن تقديم العمل التاريخي، إلا أن هذا الأمر مهم لنا والمشاهد الذي يجب أن يتعرف على تاريخه بالشكل الصحيح. ويرى الكاتب يسري أن الدراما التاريخية أن لا تسعى خلف تجميل التاريخ أو البحث عن تغيير معالمه ووقائعه، لذا علينا أن لا نقع فريسة في أيدي الباحثين عن إسقاط التاريخ وفق أجنداتهم. ويضيف الجندي الذي يقدم هذا العام مسلسل (سقوط الخلافة) وتدور أحداثه حول سيرة السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، ومن خلاله يلقي نظرة متفحصة على العقود الأخيرة في مسيرة الدولة العثمانية، محاولا إنصاف هذا السلطان وتذكير الأجيال بالدور الذي لعبه في الوقوف أمام محاولات الصهاينة إيجاد موطئ قدم لهم في فلسطين، كخطوة أولى لتأسيس كيانهم ودولتهم وقد دفع الرجل ثمن موقفه الرافض رغم المغريات المادية له ولدولته عرشه، حيث تم نفيه ليموت في منفاه عام 1918م، قبل أن يشهد سقوط الخلافة الإسلامية 1924م. وقد تم تصوير هذا العمل بين سورية ومصر وتركيا ويشارك فيه عباس النوري، سميحة أيوب، أحمد ماهر، أحمد راتب، عامر علي، أسعد فضة، خليل مرسي. من جانبه يؤكد المخرج والممثل وائل رمضان الذي يقدم هذا العام مسلسل (كيلوبترا) للفنانة سلاف فواخرجي، أنه حاول أن يرد الاعتبار لهذه الشخصية التاريخية، فضلا عن الاشتغال على مضمونها الإنساني الحقيقي، لا سيما أن الصورة التي نعرفها عنها.. ويضيف رمضان أن (كيلوبترا) قدمت في السابق بشكل مشوه على أنها امرأة تتحكم فيها عواطفها أكثر من عقلها أو الملكة التي تسير بمملكتها إلى الدمار المحتوم لمملكتها، ويشارك سلاف في البطولة كل من يوسف شعبان، فتحي عبدالوهاب، محيي الدين إسماعيل، فرح بسيسو، وضاح حلوم، خليل مرسي، أنطوان كرباج. فيما يرى المخرج حاتم علي على أن الدراما التاريخية يجب أن تعكس الواقع الذي نعيشه الآن، مضيفا أنه يجب على كل عمل تاريخي أن يتناول مجموعة من الاستفهامات المعاصرة. مؤكدا على أهمية أن تكون هناك قراءة معاصرة للتاريخ ومن هنا يكون من الأهمية بمكان إيجاد نظرة أخرى للتاريخ بعين معاصرة.