بات في حكم المؤكد أن هناك أزمة درامية كبيرة ستخنق الفضائيات العربية في شهر رمضان المقبل وذلك بسبب انعكاسات الأوضاع السياسية المتوترة التي لم تتوقف عند مصر فحسب بل امتدت رقعتها لتشمل سورية التي شلت فيها الاضطرابات الحركة الإنتاجية، وبذلك يمر صناع القرار في معظم الفضائيات العربية بمطب حقيقي يحتم عليهم اتخاذ قرارات عاجلة لحفظ ماء الوجه في الموسم الذي لم يتبق عليه سوى شهور معدودة، وعلمت «شمس» أن بعض الفضائيات ستلجأ لعرض بعض الأعمال التي لم تأخذ نصيبها في العام الفائت كحل ناجع للخروج من عنق الزجاجة وحفظ ماء الوجه أمام المشاهد الذي تعود في السنوات الماضية على «زحمة درامية» غير عادية، ويرى المراقبون أن الفرصة موائمة لصناع الدراما الخليجية لفرض أنفسهم على الشاشات العربية وإعادة تقديم أنفسهم بصورة مختلفة عن السابق، ولاسيما أن كثيرا من النجوم العرب أعلنوا ابتعادهم عن المنافسة العام الجاري. وتعتبر القنوات الخاصة هي الأكثر تضررا من هذه الأزمات التي لم تكن في حسبان القائمين عليها، ولاسيما أنها تعتمد على الإنتاج العربي بصورة كبيرة، على عكس القنوات الحكومية التي تعتمد على الإنتاج الخاص ولا تبحث عن الأعمال المستوردة إلا في نطاق قليل، ولعل هذه المعضلة تتضح من حديث مدير قناة دبي الفضائية علي الرميثي الذي أكد أن هناك أزمة حقيقية يلمسها جميع المنتمين للوسط الفني، ولذلك بادروا في إنهاء جدولة الموسم الرمضاني مبكرا حتى لا يضيقوا الخناق على أنفسهم: «كنا نعرف أن هناك أزمة قادمة، لذلك تعاقدنا على أعمال درامية تهم المشاهد الخليجي والعربي مبكرا تفاديا للدخول في متاهات ضيقة». وحالة الشلل التي يمر بها قطاع الإنتاج المصري ستلقي بظلالها على القنوات الفضائية العربية التي عرضت في الموسم الماضي 74 عملا دراميا ولاسيما أنها كانت قد قدمت موسما استثنائيا استحوذت من خلاله على نسبة مشاهدة كبيرة، كما أن الأزمة ستتسبب في غياب الفنانين والمخرجين السوريين عن العمل في مصر بعد أن شكل حضورهم علامة بارزة في الدراما المصرية في الخمس سنوات الماضية وعلى رأسهم جمال سليمان الذي لن يفرك شواربه العام الجاري في دور الصعيدي الذي أجاده باقتدار، وعدم الاستقرار والضبابية في الرؤية ستساهم في خلق أزمات ستضطر معها بعض القنوات إلى إعادة بعض أعمال العام الماضي وقلة المعروض سيتسبب في رفع تكلفة هذه الأعمال، وينتظر أن تكثف بعض مؤسسات الإنتاج الخليجية جهودها من أجل تغطية النقص، إضافة إلى تهم الفساد التي يتورط فيها عدد من منسوبي قطاع التليفزيون، وجميع هذه العوامل لا تزال تلقي بظلالها على العملية الإنتاجية. أحد المراقبين أكد أن الفرصة متاحة ل«تجار الشنطة»- أي المنتجون المقاولون- الذين يكثرون في هذه الأوقات وسيجدون الفرصة سانحة من أجل تجميع النجوم والممثلين من كافة الدول العربية في عمل واحد يفتقد إلى المضمون ويحتفظ بأسماء النجوم: «موسم رمضان مليء بالمقاولين الذين لا يحرصون على القصة أو السيناريو أو المضامين والمفاهيم التي تقدمها أعمالهم، بل يكون الهدف الرئيس لهم هو تسويق النجوم وجلبهم في عمل واحد مفكك دراميا». وأضاف الناقد الذي فضل عدم ذكر اسمه أن غياب السوريين سيكون أكثر تأثيرا من الدراما المصرية كون الأخيرة تعتمد على النجم الأوحد في أعمالها الدرامية ونادرا ما يتابع المشاهد أكثر من اسم تقدم بطولة مطلقة. بقي لنا أن نعرف أن التليفزيون السعودي وبحسب التأكيدات القادمة من الأروقة الداخلية له أنه حسم جميع الأمور للموسم المقبل من خلال سلسلة من الأعمال والبرامج المحلية وهي العادة التي دأب عليها في السنوات الأخيرة بعيدا عن «وجع الرأس»