بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة درامية كبيرة ستعيشها القنوات الفضائية العربية في شهر رمضان المقبل، وذلك بسبب الأوضاع السياسية التي تمر بها المنطقة والتي انعكست سلبا على تحضيرات مؤسسات الإنتاج والتسويق، وحالة الشلل التي يمر بها قطاع الإنتاج المصري ستلقي بظلالها على القنوات الفضائية العربية التي عرضت في الموسم الماضي 74 عملا دراميا لاسيما أنها كانت قد قدمت موسما استثنائيا استحوذت من خلاله على نسبة مشاهدة كبيرة، كما أن الأزمة ستتسبب في غياب الفنانين والمخرجين السوريين عن العمل في مصر بعد أن شكل حضورهم علامة بارزة في الدراما المصرية في الخمس سنوات الماضية وعلى رأسهم جمال سليمان الذي لن يفرك شواربه العام الجاري في دورالصعيدي الذي أجاده باقتدار، وعدم الاستقرار والضبابية في الرؤية ستساهم في خلق أزمات ستضطر معها بعض القنوات إلى إعادة بعض أعمال العام الماضي وقلة المعروض سيتسبب في رفع تكلفة هذه الأعمال، وينتظر أن تكثف بعض مؤسسات الإنتاج العربية جهودها من أجل تغطية النقص، وبحسب مصادر «شمس» فإن مؤسسة إنتاج خليجية كبرى وجهت الدعوى لعدد من النجوم المصريين مثل يحيى الفخراني وصلاح السعدني ويسرا وإلهام شاهين من أجل إنتاج أعمالهم وتوفير كافة الإمكانيات لهم في حالة عدم استقرار الأوضاع، ومن الأعمال التي تعرضت للإجهاض في الفترة الحالية مسلسل «فرقة ناجي عطالله» للفنان عادل إمام الذي كان مقررا أن يعود للشاشة بعد فترة غياب طويلة عن الدراما؛ حيث كان من المقرر أن يصوره هذه الأيام إلا أن ذلك لم يحدث، ونفس الحال ينطبق على مجموعة كبيرة من الفنانين، إضافة إلى تهم الفساد التي يتورط فيها عدد من منسوبي قطاع التليفزيون، وجميع هذه العوامل ألقت بظلالها على العملية الإنتاجية. «شمس» توجهت بالسؤال لعدد من المهتمين بالجانب الدرامي المصري والذين علقوا حول القضية بتفاؤل يشوبه بعض الحذر؛ حيث أكد الفنان خالد الصاوي أن ثورة يناير أثرت في السينما والتليفزيون، ولكن بتكاتف الجهود ستنهض وتعود الأعمال المصرية لتتسيد الشاشات العربية: «هناك رابط بين الاستقرار في الأوضاع وحجم الإنتاج، ولا ينكر أحدا ذلك، ولكن المسألة تحتاج إلى وقفة صادقة من جميع المنتجين والمنتمين للوسط الفني»، وكشف الصاوي أن كثيرا من الأعمال بدأت بصورة جديّة البحث عن أماكن تصوير، والمسألة لا تحتاج إلى وقت بسبب وجود الكوادر والطاقات المصرية التي لا تعرف مستحيلاً، من جهته أكد الناقد الفني ماجد عبدالقادر أن الدراما المصرية تأثرت بسبب ثورة 25 يناير، ولكن هذا التأثر سيكون وقتيا بسبب الظروف التي مرت بها مصر في الفترة من 25 يناير وحتى 11 فبراير، مبينا أن هناك عددا من الأمور التي ستؤثر بصورة كبيرة وليس لها علاقة بالأحداث بصورة مباشرة: «أزعم أن التأثير الحقيقي في سوق الدراما يرجع إلى الأحداث التي يمر بها التليفزيون المصري والذي أعلن أنه لن يشتري أعمالا درامية بخلاف التقشف في إنتاج الأعمال، وذلك بسبب بلاغات الفساد التي تقدمت ضد وزير الإعلام السابق ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتم إلقاء القبض عليهما بتهمة إهدار المال»، وفي نفس السياق ذكر محمد بكري المشرف على تحرير مجلة أخبار النجوم أن ثورة 25 يناير لن تكون العصا القاتلة للدراما لأن الأزمات المالية بدأت قبل الثورة، وكانت سببا في مراجعة خطط الإنتاج، والأزمة الحقيقية هي مواقف النجوم إبان الثورة: «هناك نجوم ربما يحكم على أعمالهم بالفشل مثل تامر حسني الذي عليه إجماع شعبي بسبب آرائه في الشباب الذين تواجدوا في ميدان التحرير، وهذه المسألة مهمة حيث من الممكن أن نرى تجاهلا من الجمهور لمثل هؤلاء الفنانين»، وأوضح بكري أن الدراما المصرية ستعرف ترشيد النفقات من الآن ولاحقاً، لأن هناك قرارات سابقة وقرارات سوف يتم اتخاذها بعد الإهدار في ظل الظروف التي تمر بها مصر في محاربة الفساد. من جانبه ذكر تركي الشبانة مدير القطاع المرئي في «روتانا» أن الدراما المصرية رقما صعبا في الدراما العربية، ولكن القنوات الفضائية تملك عددا من الحلول وتحاول أن تستشعر الأزمة على ضوء المعطيات الموجودة في الساحة: «نحن لا نتمنى أن يحدث تأثير في الدراما في الوطن العربي، وسبق أن قدمت «روتانا» تحالفات إنتاجية مع عدد من الشركات الكبرى في الوطن العربي لتقديم أعمال كبيرة حققت أصداء عالية؛ لذا نتمنى لقطاع الإنتاج المصري أن يتعافى من الأزمة التي يمر بها في أقرب وقت»، وبين الشبانة أن ل«روتانا» بصمتها الخاصة في نوعية الأعمال التي تنتقيها سواء كانت مصرية أو سورية وخليجية، وهم جزء من سوق ارتفعت في السنوات الأخيرة بشكل سريع، مجددا ثقته بقدرة نجوم الدراما والسينما المصريين على مواصلة إثراء الدراما العربية. ورغم التأكيدات التي أطلقها البعض والتي تصب في محور تدارك الأزمة إلا أن التأثير حتمي وسيكون المستفيد الأكبر منه الدراما السورية التي من المتوقع أن يعود إليها بعض نجومها متى ما أدركوا أن الأوضاع في قاهرة المعز ستحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تخرج من نفق عدم الاستقرار.