تأثر إنتاج الدراما العربية في مصر وسورية هذا العام باعتبارهما أكبر منتجين عربيين للدراما بسبب أحداث سياسية ما زالت قائمة، ما قلص كثيرا من عدد الأعمال التلفزيونية الجديدة المعدة للعرض في شهر رمضان باعتباره الموسم الدرامي السنوي. وبينما تأثرت القنوات العربية القائمة بسبب قلة الإنتاج وتخوف أصحاب رؤوس الأموال من ضخ أموال في الإعلانات بسبب الاضطرابات القائمة في المنطقة، إلا أن كثيرين يرون الأمر يصب في صالح الإنتاج الخليجي الذي باتت لديه فرصة ذهبية للنمو والتطور بما يكفي لتغطية القنوات الخليجية. واستطلعت وكالة الأنباء الألمانية آراء عدد من الفنانين والنقاد حول الوضع، فقالت الفنانة والمنتجة المصرية إسعاد يونس إنها تتوقع أن تنشط مؤسسات الإنتاج الخليجية بالفعل وخاصة مدينة الإنتاج الإعلامي في دبي ونظيراتها في الخليج؛ لتستقطب العناصر التي تعاني من البطالة في بلادها بسبب الظروف القائمة لتستعيد المؤسسات الخليجية نشاطها الذي فقدت الكثير منه في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية. وأضافت «أتوقع أن تنشط مجموعات خليجية وعربية للاستثمار في قنوات تلفزيونية؛ لتستقطب العناصر المعطلة والأعمال قليلة التكلفة وهناك مجموعات بدأت فعلا في الظهور في السوق المصرية تحديدا وسنجد قريبا عناصر فنية مصرية تحت اسم وهوية إنتاجية غير مصرية». مأزق للفضائيات وقال الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري إن الدراما الخليجية بالتأكيد لديها الآن فرصة مميزة اعتمادا على قلة الإنتاج المصري والسوري الذي ربما ينتج عنه مأزق للقنوات، خاصة تلك المتخصصة في عرض الدراما. وشدد عسيري على أن «الفرصة تعتمد على مدى قدرة المنتجين الخليجيين على الاستفادة من الأزمة الدرامية المصرية السورية بتقديم محتوى عالي الجودة وإلا فإن الفرصة ستفوتهم». وأشار إلى أنه شخصيا واثق أن الدراما المصرية تنام وتغفو وتمرض لكنها لا تموت «أعتقد أن المرحلة قد تطول إلى عدة سنوات ما لم يتفهم الجميع ضرورة التغاضي عن الصراعات والانتقام والتجريح الذي يضر بأرزاق الآلاف من الأسر العاملة في هذا المجال». وقال المخرج والمنتج السوري هيثم حقي إن «السوريين تقلص إنتاجهم قليلا لكنه ما زال قريبا من المعدل»، بينما في مصر تأثر الإنتاج بقوة؛ لأن العديد من الأعمال لم تكن بدأت والقاهرة والمدن الرئيسة كانت مسرح الأحداث بينما في سورية يستمر التصوير إلى الآن خاصة أن الاحتجاجات اشتدت في الآونة الأخيرة فقط، بينما دمشق وحلب حيث يكون التصوير عادة ما تزال الحركة فيهما مستمرة عدا الجمعة. وأوضح حقي «المهم في رأيي أن الناس الآن عزفت عن مشاهدة الدراما أمام دراما التغيير الهائلة التي تعصف بالمنطقة والمشكلة الأساسية حاليا تتمثل في حيرة كتاب وصناع الدراما التلفزيونية؛ لأن الواقع فرض عليهم تغييرا كبيرا وأعتقد أن فترة ستمر قبل أن يتعود هؤلاء على الحرية وعلى إيجاد معادل فني لحياة العربي الحر الجديد». تراجع الضخ ولفت الناقد المصري أشرف البيومي إلى تأثر التلفزيون المصري بغياب المسلسلات التي «ستدفع المشاهد المصري للبحث عنها في قنوات أخرى ومع غياب المشاهد تغيب الإعلانات ما سيؤثر سلبا على ميزانية التلفزيون الرسمي الذي ربما يلجأ في رمضان المقبل إلى البرامج السياسية؛ تماشيا مع الأوضاع الراهنة في الوطن العربي». وقالت الناقدة المصرية هويدا حمدي إن الرصد يظهر تراجع الإنتاج المصري والسوري هذا العام كما وكيفا بنسبة لا تقل عن 50 % بسبب تراجع ضخ الأموال بما يؤثر بالطبع على جودة الأعمال فنيا، معتبرة أن الأمر يبدو طبيعيا ومتسقا مع الأحوال المرتبكة التي تسود البلدين الآن. وأوضحت أن «التراجع المصري السوري بلا شك يصب في صالح الدراما الخليجية التي انتعشت كثيرا خلال الأعوام الأخيرة، وبات أهل الخليج يفضلونها باعتبارها تنتمي إليهم، فأصبحت القنوات الخليجية تعطي لها الأولوية على حساب نظيرتها المصرية والسورية، بينما سوق الإعلان ما زالت لها السطوة، حيث ما زالت أعمال كبار النجوم خاصة المصريين مطلوبة في القنوات الخليجية؛ لأنها تجذب المعلنين».