قبل أن تدخل روايته الأولى «في بلاد الرجال» القائمة النهائية لجائزة البوكر قبل أعوام، كان الروائي الليبي الشاب هشام مطر قد انضم إلى ورشة عمل لتعليم كتابة الرواية حسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط في تقرير نشرته عن الرواية وقت صدورها، وبعدما أنهى تلك الورشة واكتسب الخبرة الكافية، كتب روايته التي حازت دار بنجوين العريقة على حقوق نشرها بعد منافسة مع دور نشر أخرى، وكانت الرواية أهلا لإصرار الدار الإنجليزية على الفوز بحقوق طباعتها. في عالمنا العربي أيضا، بدأت الروائية اللبنانية نجوى بركات مشروع مشابه للورشات التي تقام في الغرب أطلقت عليه مسمى «محترف كيف تكتب رواية» تشرف بنفسها عليه وتقدم النصائح للمهتمين بالكتابة كما عقدت اتفاقية مع بعض دور النشر كالساقي والآداب لتبني ونشر الأعمال الفائزة. كأنها بذلك تحاول أن تكسر الفكرة السائدة التي ترى أن الكتابة وحي وإلهام وموهبة ولا مجال للصنعة فيها أو التجميل. مثل هذه الورش التعليمية وإن عارض البعض إقامتها بحجة نزع الأدب عن فطرته أراها قادرة على لفت نظر الكاتب إلى مكامن الضعف في أسلوبه وتنبيهه عليها في البداية وتفتح أمامه آفاقا أرحب للتعبير وإرشاده إلى أساليب قد تغيب عن باله، كل ذلك يحدث قبل أن تنهال عليه المدائح الزائفة وتكثر المجاملات والإشادات المجانية حتى يغدو من الصعب بعدها التعديل والمراجعة. في ظل الإقبال الكبير الذي يمر به مشهدنا الثقافي في الأعوام الأخيرة على الكتابة أعتقد أننا صرنا بحاجة ملحة إلى ورشات تعليمية تهتم بالكتاب الموهوبين من الجنسين وتأخذ بيدهم نحو آفاق أرحب للكتابة وكم أتمنى لو تبنت الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة المنتشرة في كل أرجاء البلد مثل هذا المشروع، وتضيف لنشاطاتها دورات تعليمية تتم عبر اختيار مجموعة من المختصين الذين يمتلكون الخبرة بالتعاون مع المؤسسات التي تهتم بالنشر ودعوة المهتمين من الكتاب الشباب ليطوروا مواهبهم ويكتسبوا مزيدا من الخبرة والوعي.