تحولت الرغبة في الصلاة وراء الأئمة الذين يملكون أصواتا ندية إلى ظاهرة يمكن ملاحظتها في مختلف مدن المملكة، ومع أن الأمر يدل على حرص المصلين على أداء صلواتهم، وبالذات التراويح والتهجد، في جو من الخشوع، إلا أنه يتسبب في عدد من المشكلات ومنها ربط الخشوع بالصوت لا بالذكر، وإرباك الحركة المرورية فضلا عن إهدار الوقت خصوصا للنساء.. وقال أستاذ الشريعة بجامعة أم القرى وعضو جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة الدكتور محمد السهلي إن النبي، صلى الله عليه وسلم، أثنى على الصوت الندي ولكن الملاحظ أن العديد من المصلين يتخطون المساجد القريبة منهم وكذلك المسجد الحرام من أجل الصلاة في مسجد معين وهذه مغالاة. وأضاف: «كان العلماء يحذرون من عباد الأصوات كما يحذرون من الصور، والدليل على ذلك أن الإمام يقرأ في العشر ركعات القرآن الكريم ولا يؤثر في قلوبهم ولم يبكوا إلا بالدعاء المؤلف والمخترع، وهذا معناه أن هؤلاء تأثروا بالصوت ولم يتأثر بالقرآن الكريم». وذكر مسؤول الشؤون الإعلامية بجمعية تحفيظ القرآن بمكة المكرمة عطا الله نور أن هذه الظاهرة غير مرغوب فيها، إذ لا ينبغي التنقل بين المساجد وإضاعة الوقت في تذوق أصوات الأئمة، مشيرا إلى أن ذلك ينطبق أكثر شيء على النساء اللائي يذهبن بعيدا عن بيوتهن، وفي هذا مخاطرة كبيرة. وقال نور: «هؤلاء لا يتذوقون الصلاة ولا يستشعرون عظمتها وإنما يتذوقون الأصوات الندية، والشخص هنا لم يأت رغبة في الصلاة وإنما جاء ليسمع الصوت فقط، وربما يؤدي هذا الأمر ببعض الأئمة إلى المباهاة بأصواتهم، ويزيده إعجابا في قراءته، وربما يتكلف في القراءة وتضخيم الصوت ليظهر حسن صوته، وهذا يخرج العبادة إلى الرياء، إضافة إلى ما في ذلك من تعطيل للمساجد الأخرى». وتابع: «لو ذهب كل مصل إلى مسجد غير مسجد حارته لأصبحت المساجد الصغيرة داخل الحارات خالية من المصلين، مع ما قد يحدث من إرباك للحركة المرورية، وحصول زحام عند المساجد التي تكون قراءة إمامه جيدة». وقال نور: «على الرغم من أن بعض العلماء أجازوا هذا الأمر معللين ذلك بأن الإنسان يصلي خلف الإمام الذي يشعر بالخشوع عند صلاته معه، لكنهم فضلوا الصلاة في المساجد القريبة من المنازل لأجل أن يجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، وحتى لا تخلو المساجد الصغيرة من المصلين».