وكان آباؤنا وأمهاتنا يقولون لنا في الصغر : لاتجلس مع فلان ولاتلعب مع علان. ويكثرون من مقولة (اربط الحمار مع الحصان يصير حصان). كنت أسال نفسي : ترى ما هو الحصان وكيف شكله ولونه وحجمه؟ كنت أقرأ في كتاب المطالعة بالصف الثالث أسماء مجموعة من الحيوانات دون أن أعرف ما هي كالفيل والأسد والزرافة لأنهم لم يكونوا يضعون صورا لها في كتب المطالعة .. لكن فهمت أن الحصان أفضل من الحمار وإلّا لما طلبوا ربطنا معه. رغم أنه لايوجد في قريتنا حصان. فهمت في مرحلة لاحقة كما فهم أقراني أن المسألة مسألة أخلاق لا كائنات ، فهم يرون أن أخلاق الحصان -غير المتاح في القرية- أفضل من أخلاق الحمار. ثم تذكرنا أخلاق الحمير التي ربطنا معها فلم يذكر أحدنا نقيصة أو عيباً في كل حمير القرية .. إلا أن الذين ذهبوا منا إلى دراسة علم النفس قالوا : إن المرء من جليسه وإن المخالطة في الطفولة تنقل السلوكيات بين المتخالطين ولذا فإن الفرز في الرفاق من العمليات التربوية المهمة .. لم أعترض على هذا لكنني أعترض على تسفيه الحمير واعتبارها منقوصة ومعيبة ولو كانت كذلك لما أحبها الراحلون الثلاثة : سعد الثوعي وسعيد ظهران وعبدالعزيز مشري.