وتذكرت ثلاثة أصدقاء رحلوا عن عالمنا، بعد أن شاهدت برنامجاً حول الانتخابات الأمريكية المقبلة، وخصوصاً عندما شاهدت صورة الحمار والفيل، وهما الشعاران العتيدان للحزبين المتنافسين في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقلت في نفسي لا شك أنَّ أصدقائي الراحلين كانوا يشجعون حزب الحمار بالتأكيد؛ لأن الثلاثة كان لكل منهم علاقة بالحمير بشكل مختلف عن الآخر، فالراحل: سعيد ظهران كان يأسف دائماً أنه رحل من القرية قبل أن تصل إليها أدوات الزينة (المكياج وتصفيف الشعر) ولمَّا تسأله يقول أنه كان يوجد في قريته ما يمكن تسميته ب(مزايين الحمير) فقد كانت أنثى الحمار في حاجة إلى (بودرة وحمرة وكحل) وقصة شعر مناسبة لما بين أذنيها لتكون ضمن المزايين. والراحل الثاني: سعد الثوعي كان يتمنى في طفولته في القرية أيضاً أن يمتلك حماراً ملكية خاصة لا يشاركه فيه أحد من أفراد أسرته، ثم (يهبط) به إلى الأسواق ويشد وثاقه في (موقف الحمير) لحين الانتهاء من التسوق، ومن ثم يعود به إلى المنزل.. وعندما تسأله عن رغبته في امتلاك حمار لا ثور ولا بعير كان يقول أنا حر فيما أريد وما لا أريد. أما الراحل الثالث: عبدالعزيز مشري فكان يعلق صورة مميزة لرأس حمار تبدو عليه السماحة والوجاهة ويلوح في عينيه ذكاء غير معهود عند (معشر الحمير) كل من زار الراحل عبدالعزيز لا شك أنه رأى تلك الصورة التي كان يحرص على وضعها في مكان يشاهده كل من يدخل إلى صالون استقباله في منزله وعندما كنا نسأله أيضاً عن سر صورة رأس الحمار لا يجيب ويكتفي بنظره إلى الصورة وكأنه يحيل الإجابة إليها.. جار الزمن على الحمير فأصبحت طعاما للضباع في القرى والبادية كما لم يمهل القدر الأصدقاء الثلاثة فأخذهم إلى عالم آخر ليس فيه حمير.