فاجأني بسؤاله الجميل : كيف حال الوالدة؟ وفاجأته ، لا ، بل فاجأت نفسي بقولي ، هي بخير وألف خير ، هي في صحة وعافية ، قال مبتسما : أسأل الله أن يجعلها كذلك دائما ، وأن يكسبكم رضاها ، قلت : آمين جزاك الله خيرا. انصرف الرجل وأنا واقف وقوف الواجم ، كنت صامتا ، لكن نبضات قلبي كانت -لحظتها- تتحدث بصوت مرتفع ، خيل إلي أن الكون كله قد أرهف إليه السمع وأعجب بصداه العميق. كيف حال الوالدة؟ يا له من سؤال رائع جميل ، بل ، يا له من سؤال كبير ، هز وجداني ، وشنف آذاني ، هي بخير وألف خير ، هي في صحة وعافية ، يا له من جواب جرى على لساني منسابا رقراقا كماء تلك الساقية التي تتخلل الحصى والأشجار ، والأزهار ، نحو منابت اللوز والمشمش في شعبنا بعد الأمطار ، حينما كانت الغيوم على تواصل لا ينقطع مع قريتنا في طفولتنا. أسأل الله أن يجعلها كذلك دائما ، وأن يكسبكم رضاها ، يا لها من دعوة أنعشت فؤادي ، وقد ختمت عليها بختم (آمين) وأنا في مهرجان من السعادة لا حدود له. كيف حال الوالدة ،، سؤال لا حدود لروعته وجماله ، سؤال عن أعز وأقرب وأجمل وأحسن مخلوق يتعامل أحدنا معه في حياته ، سؤال عن الحنان ، والرحمة والإحسان ، والوفاء ، والنبل والسخاء. كيف حال الوالدة؟ ماذا تقول أيها السائل العزيز؟ الوالدة؟ الحبيبة؟ المودة القريبة ، الراعية الطبيبة؟ سؤال متميز أيها السائل العزيز. هززت قلبي من الأعماق ، أرسلتني بسؤالك هذا إلى أجمل وأصفى الآفاق ، حملتني به إلى عالم جميل من سمو العاطفة وحسن الأخلاق. تركني السائل العزيز في لجة من الذكريات وذهب ، لم أنبس ببنت شفة بعد ذهابه ، لأن قلبي وروحي ومشاعري تحولت إلى ألسنة فصيحة ناطقة ، كانت جميعها تقول كلاما رائعا ليس من جنس كلامنا المعتاد ، كلاما لا تتقنه إلا القلوب والأرواح والمشاعر. كيف حال الوالدة؟ كم حرك هذا السؤال الصاخب برغم هدوئه ، العنيف برغم رقته ، المحزن برغم روعته ، كم حرك أشجاني وآلامي وأحزاني ، وكم أسعد في الوقت ذاته وجداني. كيف حال الوالدة ؟ أعشق هذا السؤال عشقا لا حدود له ، وأقدر من يوجهه إلي التقدير كله ، لأنه يسأل عن الحبيبة الغالية ، رمز الحب الصادق والحنان والعطف ، والعطاء بلا حدود. ما أروعه من سؤال وأبدعه ، وما أشد وقعه على نفسي ، وعقلي وحسي ، أتدرون لماذا؟ لأن الوالدة الحبيبة قد رحلت عن هذه الدنيا منذ سنوات ، رحلت جسدا وبقيت روحا وإحساسا وعاطفة ، وشمسا من الحب لا تغيب. متفائل بجوابي الذي جرى على لساني جريان النسيم العليل. (هي بخير وألف خير) اللهم اجعلها وكل أم مسلمة كذلك عندك يا رب العالمين. إشارة : أماه أنت العطف والإحسان=بك يا حبيبة يسعد الوجدان