تعد أسواق الأسهم في العالم أجمع ؛ من المجالات الجاذبة للمستثمرين ؛ حيث تتميز بالبساطة في الدخول ، والسهولة في الخروج ؛ دون بذل الجهد ، أو وقوع التعب ، أوحدوث المشقة ، وهي التي يمكن فيها مضاعفة رأس المال ، وتحقيق أرباح سريعة في مدة قليلة ، كما يمكن فيها الحصول على السيولة النقدية دون إبطاء أو تأخير. لكن الذي يعيبها هو الأخطار البالغة ، والأضرار الفاحشة ؛ التي تنتج عن مفاجآتها ، وأخطاء التداول فيها ، حيث يمكن لمرتاديها ؛ أن تتعرض أموالهم للهلاك ، وأن تصاب أرصدتهم بالإفلاس. ولعلنا لا زلنا نتذكر تلك الخسائر الضخمة ؛ التي تجاوزت مئات المليارات عام 2006م ، حيث أنهار السوق السعودي ؛ وأفلست بسببه شريحة كبيرة من المواطنين ، جعلتهم محبوسين بالديون والأزمات المالية. إن أسواق الأسهم العالمية تقوم أساليب عدة ، وفنيات عديدة ؛ منها : التدليس والتغرير ، والغش والخداع ، وفيها يقوم صناعها (أصحاب الأموال الضخمة) ؛ بتحريك هذه الأسواق وتوجيهها كما يريدون ، وكما يطمعون. وهي أسواق لا تخلوا من بالبيوع المحرمة شرعاً ، ومن ذلك : بيع الغرر ؛ حيث يتم عرض الطلب والبيع الوهمي الخادع ، وكذلك بيع النجش ؛ الذي يقوم على رفع الأسهم ، بقصد يفيد البائع ، ويضر المشتري. كما تنتشر في هذه الأسواق الإشاعات الواهية ، والأخبار الكاذبة ، التي تضلل روادها ، وتخدع البائعين والمشترين فيها ، والله جل في علاه يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ). إن البورصات بشكل عام ؛ وبال كبير ، وشر مستطير ، عودت المتاجرين فيها على الخمول والكسل في طلب الرزق ، وجعلتهم يبتعدون عن الأعمال المفيدة في طرق الكسب الطبيعية ، بل أراها نوع من أنواع القمار الحديث ، المغلف بلباس شرعي ، وغطاء قانوني ، فأنت تدفع مالاً مقابل الحصول على مال مجهول ؛ قد تملكه ، وقد لا تملكه ، وأنت تشتري شيئاً مجهولأً ، وتبيع على شخص مجهول ، لا تشاهد البائع ، ولا تعرف المشتري ، فهل سيثوب المستثمرون الأذكياء إلى رشدهم ؛ ليحفظوا أموالهم في أوعية طيبة سليمة ، كالعقار الأكبر ضماناً وأماناً ، أو كالتجارة الأكثر نمواً وتقدماً ، (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).