تعقيباً على مقال (أمس) تلقيت اتصالاً من أحد كبار المسؤولين – طلب مني ألا أشير إلى اسمه – وقال: المشكلة أن كثيراً من الصحفيين لا يعرف كيف ومتى يسأل ، وبعضهم ليس ملماً بالموضوع الذي يسأل عنه ، وبالتالي فإن فهمه للإجابة يظهر ضعيفاً ، وينعكس ذلك على نوع ما ينشر ، إذ تجد أن إجابة وقصد المسؤول في وادٍ ، وما فهمه الصحفي وبالتالي نشره في وادٍ آخر ، ولهذا يضطر بعض المسؤولين إلى طلب الأسئلة والاستفسارات مكتوبة ويجيب عنها كتابة. قلت له: أتفق معك تماماً ، فأنا شخصياً أعرف صحفيين وصحفيات لا يستعدون لا بمعلومات ، ولا بأسئلة جيدة ، ولا يتعبون أنفسهم في البحث المسبق عن الموضوع الذي ينوون السؤال عنه ، أو جمع معلومات عامة عنه ، وهؤلاء يوقعون المسؤولين وصحفهم في حرج كبير ، لكن هذا ليس القاعدة العامة ، وإنما هم نماذج تتطلب علاجاً سريعاً من صحفهم عن طريق التدريب والتأهيل ، أو إيقافهم عن المهنة ، وتوجيههم إلى ما هو أسهل منها من أعمال. قال: تعترف إذن؟! قلت: نعم ، وتبعاً لذلك أؤكد لك أن (الشرق) لن تسمح بمثل هذه النماذج ، لكن أريدك أن تكون موضوعياً ، وتعترف أنت أيضاً. قال: بماذا؟ قلت: هذه النماذج التي انتشيت بأنني اعترفت بها قليلة ، بل أصبحت نادرة ، لكن المسؤولين عموماً كرسوا هذا الانطباع ، واتخذوا منه ذريعة لعدم التجاوب مع الجميع من جهة ، ولتحويل أسئلة واستفسارات الصحفيين إلى معاملات تقضي في مكاتبهم أياماً ، وأحياناً أسابيع وشهوراً ، بحجة التأكد والتقصي ، وأحياناً كثيرة (الزحلقة) فإذا نشرت الصحف ما لا يرغبون عادوا إلى ذريعتهم أو أسطوانتهم عن عدم فهم الصحفيين أو عدم قدرتهم ، بينما معظم ما يسأل عنه الصحفيون من الأمور البديهية المتاحة التي يمكن استيعابها من كل أحد ، إلاّ المسؤول الذي يطلبون منه تعليقاً أو إجابة. وضربت له مثلاً بمركزية المتحدث الرسمي وتعاليه وغيابه ، وإغلاق وسائل الاتصال به في معظم القطاعات الحكومية ، باستثناء عدد قليل منها تتصدرها قطاعات وزارة الداخلية. قال: صدقت ، لكنّ الصحف أحياناً تتجنى وتبالغ! قلت: صدقت ، فما الذي يمنع المسؤولين من تنفيذ تعليمات الملك وولي العهد حول هذا التجني وتلك المبالغة متى ما وجدت فوراً ، بحيث يتم الرد عليها فوراً ، والصحف ملزمة وملتزمة بالنشر ، ثم يتم شكوى من يتجنى أو يبالغ على اللجنة المختصة بوزارة الإعلام لردعه. قال: الصحف لا تنشر ردود المسؤولين ، وهناك وزراء يشتكون علناً من هذا الأمر .. قلت: أعرف هذا ، ومع الأسف الشديد شكاوى أصحاب المعالي تبريرية وليست دقيقة ، فليس لدى أي منهم دليل واحد، والصحف – فيما أعتقد – جميعاً تنتظر دليلاً واحداً يقدمه أي وزير. قال: دعنا نتفق على أن كل طرف مدعو لأن يعالج أخطاءه بموضوعية وصدق. قلت: اتفقنا ، فهذا ما ننشده ، وقبلنا ، هذا ما تنشده قيادتنا ، وما يتطلع إليه وطننا.