غرقت أمسية فهد الخليوي وعبد الرحمن الدرعان القصصية في لعبة تحديد بعض المفاهيم، لا سيما مفهوم القصة القصيرة، علاقة اللغة بالقصة، وحضور المرأة في عالم السرد. وهذا ما دفع القاص الخليوي للسكوت مرتين، مؤثرا عدم الرد على بعض المداخلات. وشهدت الأمسية التي دعا إليه أخيرا نادي حائل الأدبي، أسئلة عديدة من الجانب النسائي على القاصين، منها: أسئلة وجهتها الدكتورة ميرفت علي للقاص الخليوي عن سر تصويره المرأة أنها ليست على مستوى المسؤولية في قصته (مساء مختلف)؟ وكيف أن الوأد في قصته (سطور من تراث الوأد) يكون رمزا لسقوط المرأة؟. وسألت الدكتورة ليلى الشمايلة الخليوي لماذا عكس في قصته (مساء مختلف) صورة خطيرة عن المرأة؟، «فطرح الكاتب مسألة الثقة بالمرأة... كما ظهرت المرأة المتعلمة ساقطة اجتماعيا؟ ولم يظهر من تعليمها سوى تأثير الأنوثة»... وسألت مرة أخرى: «لماذا ظهرت المرأة في هذه الصورة؟، وأضافت: «في قصة (عن قرية هجرتها شاحنات القمح) لماذا وضع فيها القرية والمرأة في هذه الصورة أيضا؟. واكتفى الخليوي بالصمت. أما الدرعان فرأى أنه «من الصعب أن يُسأل كاتب القصة عن مراميه، فالكاتب كآلة متغيرة والفن الشعري والسردي منطلق من الوجدان، والوجدان متحول والنصوص تحتمل التأويل، ولا يجب أن يضع الكاتب عينا سحرية على المتلقي الذي يقرأ من فضاء واسع بحكم خبرته... وهذه هي متعة النص». واستهل الأمسية مديرها رشيد الصقري بسرد السيرة الذاتية لكل من القاصين الخليوي والدرعان. غاص بعدها القاص الخليوي في لجة السرد وقرأ قصة (مساء مختلف) و(قلق) و(مهزلة).. وقرأ الدرعان (التي لا تشبه أحدا)، وعاد الخليوي ب(عن قرية هجرتها الشاحنات) و(البوابة) و(أجراس)، وعاد الدرعان ب (لوليتا). ومما جاء في قصة الخليوي القصيرة (ظلام): «تعثرت بعباءتها وهي تعبر للجهة المقابلة. كادت عربة مسرعة تحيلها إلى أشلاء. أزاحت الغلالة السوداء من عينيها.. أبصرت المصابيح المعلقة تتلألأ في أسقف المتاجر. وضعت يدها على قلبها، وهي تلعن الظلام.» استهلت مداخلات الحضور، بكلمات ثناء من خالد البليهد، وسؤال من الشاعر عثمان المجراد للخليوي عن علاقته بالقاص عبد العزيز الشغدلي.. لكن الخليوي (صمت)، ولم يجب. وسأل براك البلوي عن محفزات كتابة القصة القصيرة عند الدرعان؟ ولماذا لم يكتب القصة القصيرة جدا؟ فأجاب: «لا أعرف... لكن لحظة الكتابة أشبه ما تكون بشهقة الطفل أمام الأشياء... هي كالزلزال وأنت كالأرض والقصص القصيرة جدا دخلت في تجربة قراءتها أولا. وفي رأيي الشخصي أنها موجزة ومضغوطة ومكثفة، ويأخذها القارئ إلى عدة مستويات لتأويلها، وآثرت ألا أقدم نماذج منها، فاخترت القصة وهي الحكاية أو القصة السماعية». واعتبر عمر الفوزان أن «القاصين وفقا باستخدام الرمزية لمعالجة هموم متراكمة كحقوق الإنسان وحرية المرأة، وما يريده الإنسان من قيم عليا من حرية وعدالة». وعن عوامل النجاح في كتابة القصة والعقبات التي تقف أمام القاص في سرد القصة؟ أجاب الخليوي: «القصة تكتبني أحيانا». وسأل السويدي الدرعان، عن سر تواضع حضور كتاب القصة في وسائل الإعلام؟، فأجاب «سأحمل السؤال مع السائل إلى وسائل الإعلام والقائمين عليها فهم من سيحددون الإجابة». ووصف المهندس حسني محمد جبر القاصين بأن أحدهما: «مبدع متآلف مع الواقع»، وآخر: «يدعو للتغيير... ويجاهر بالمسكوت عنه ويفتح المجال لتأويلات شتى لما يكتب». وتطرق الدكتور عيسى المصري لتقنيات الرواية ولغة القصة لدى القاصين، فقال: إنها لغة مقيدة ومأسورة ولا يوجد فيها تراسل، وأضاف: «اللغة فيها صمت وسكوت وإشارات، وهي ليست مسترسلة».