يخوض أصحاب المواشي في هذه الأيام حرباً شعواء على وزارة الزراعة ومورِّدي الشعير، متهمين إياهم بالتسبب في ارتفاعات الأسعار التي هددت مواشيهم بالهلكة والفناء -حسب تعبيرهم- ، ولكن كما يقول المثل : (رُبّ ضارة نافعة) !! فبالرغم مما سببه انقطاع الشعير من أضرار بتجارة المواشي إلا أنه قد حد بشكل أو بآخر من الإسراف العجيب الذي تشهده مناسباتنا العامة والخاصة!! استهلاك السعوديين اللحوم المحلية لم يكن كافياً بالنسبة لهم!! بل امتد ليشمل المواشي الأسترالية والصومالية والسودانية وغيرها!! وأصبحت مناسباتنا المحلية عبارة عن إبادة جماعية للخراف و (الحاشي) والعجول!! وبحسب الإحصاءات فإن السعودية تستورد ما نسبته 40% من الإنتاج العالمي للشعير؛ للاستفادة منه في توفير الغذاء للحيوانات المحلية!! لقد أصبحت نتائج هذه الإبادة في حق المواشي ظاهرة للعيان؛ حيث بدأنا نلحظ أرقاماً مخيفة في تدهور الصحة العامة، وبحسب الدكتور حسن الزهراني رئيس الجمعية السعودية لجراحة الأوعية الدموية فإن (ثمانية ملايين قدم في السعودية مهدَّدة بالبتر بسبب مرض السكري، كما أن عدد حالات البتر التي تحدث سنوياً تصل إلى ستة آلاف حالة، وهو ما يقارب حالات البتر في الحرب العالمية الثانية!!) مؤكداً أن البدانة كانت السبب الأول لهذه المأساة!! وفي تصريح آخر ذكر الدكتور محمد رضوان استشاري طب القلب بجامعة الملك سعود أن (نصف سكان السعودية مصابون بالكولسترول) . وأضاف بأن السبب في ذلك يعود إلى الفوضى المسيطرة على المائدة السعودية!! أليس لنا في أزمة الشعير والأغنام عِبْرة؟ قال تعالى {وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون}. ألا يجدر بنا الوقوف على هذه المشكلة ودراسة أبعادها ومسبباتها وآثارها، أم أننا سنظل نفكر في كيل الاتهامات إلى وزارة الزراعة وموردي الشعير، ونستمر في البحث عن طريقة تمكننا من استيراد الخراف الموزمبيقية والماعز السلفادورية و(الحاشي الصيني)؟!!