لازال هناك عدد من الناس يتساءلون باستغراب عن سبب عدم إصدار نظام يمنع كل من عليه قضية أو حق أو مطالبة ما، من السفر لأي بلد آخر ، لأنهم يرون أن حقوقهم جراء ذلك ستضيع إلى الأبد ، فإذا لم يصلوا إلى حقوقهم في بلدهم، فكيف سيصلون إليها في البلد الآخر ، الذي ربما يكون موطن خصمهم (أي على أرضه وبين جماهيره) ، لهذا يرى الأغلبية منهم أن يتريثوا قليلا ، وأن يعالجوا مشاكلهم ومطالبهم بالطرق الودية بعيدا عن المحاكم والجهات القضائية ، حتى لا يشعر الخصم بالخطر المحدق الذي يتربص به فينهي إجراءات سفره ويغادر للخارج ، تاركا لهم الدهشة والحيرة ، تاركا لهم تركة ضخمة من القهر والحسرة ، تاركا لهم حلم الاستعانة بالشرطة الدولية (الإنتربول) أو حدوث معجزة تعيده أو كارثة تصيبه !. ما يحيرني هنا ، بالطبع ليس السؤال نفسه ولا الإجابة عليه ، بل السبب الذي يقف وراء هذا السؤال الكبير ، فهل للجهل بالأنظمة دور في ذلك ، أم أن الأنظمة معلنة لكن الثقة معدومة ، أم أن لدى هؤلاء شواهد حية تشير في مجملها أن المطالب بحق من يسافر حتى وهو موضوع على قائمة الممنوعين من السفر ؟!. إذا ما صح الاحتمال الأخير ، فهذا أمر خطير ، يجب التنبه إليه والاعتراف به واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجته ، كونه لا يمس فقط حقوق الفرد أو المجتمع ، بل يهدد أمنه واستقراره ، وهو ما يعني أن هناك أفرادا يعيشون بيننا هم (مننا وفينا) ، لا يراعون الأمانة ولا يقدرون الثقة الممنوحة لهم ، وبدلا من أن يؤدوا واجباتهم النظامية تجاه الممنوعين من السفر ، يساهمون في تخليص إجراءات سفرهم ومغادرتهم البلاد بكل يسر وسهولة !. أما من ناحية وجود نظام ، فهناك أنظمة كثيرة تعالج مسألة المنع من السفر ، نذكر منها نظام وثائق السفر وقواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم ، ونظام السوق المالية ، وقانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون ، كما أن نظام المرافعات (وهو ما يهم شريحة كبيرة من الناس) ، أكد بأنه لكل مدع بحق على آخر أثناء نظر الدعوى أو قبل تقديمها أن يقدم إلى المحكمة دعوى مستعجلة لمنع خصمه من السفر إذا كانت لديه أسباب تدعو إلى الظن أن سفر المدعى عليه أمر متوقع وبأنه يعرض حقه للخطر ، فإذا اقتنع القاضي بذلك ، أصدر أمره بمنع الخصم من السفر فتبلغ الجهة المختصة بخطاب لتنفيذه ولا يسمح له بالسفر إلا بإذن كتابي من القاضي (وهذا هو عز الطلب). لهذا، فإنه يتعين على كل من له حق لدى الغير ، أن يثق بالنظام ، وأن لا يستسلم لإحباطات من هم حوله وألا ينصت للأقاويل التي تتحدث عن سفر هذا أو ذاك بينما هو على ذمة قضية ، عليه أن يبادر على الفور باللجوء إلى الجهة المختصة بنظر الموضوع ليطلب منها منع خصمه من السفر ، عليه أن يتابع معاملته بكل عناية فإذا ما نجح خصمه في السفر بعد ذلك كله ، فيكون قد أدى ما عليه ولا يجد بعد ذلك ما يؤنب به نفسه ، ويكون ذنبه وذنب من سبقوه ، في عنق من لا يحمل الولاء لوطنه ومجتمعه !؟.