لا نريد أن نحمل أمانة جدة فوق ما تطيق، فقدراتها وطاقتها محدودة ، وهي لا تملك عصا سحرية لحل مشكلة تصريف السيول والأمطار في غمضة سنة أو سنتين ، فالمشكلة مزمنة ، والأخطاء متراكمة ، لكننا في المقابل لا نقبل أن تحملنا أمانة جدة أكثر مما نطيق ، فالناس أيضا قدراتهم محدودة وصبرهم له حدود ، ولهذا فعلى الأمانة أن تخبرهم بالحقيقة دون رتوش ودون بهارات ولا تبريرات ، فحين تقول الأمانة إن أحد أسباب بحيرات المياه في الشوارع ومداخل الأنفاق أن الأرض لم تمتص المياه فهي تفقع مرارة الناس ، لأنهم يعلمون أن باطن أرض جدة هو الذي يغذي سطحها بالمستنقعات من دون مطر ، فكيف تكون الحال حين يلتقي طفح الأرض بجود السماء ، هذه واحدة ، أما الأخرى فحكاية المضخات التي لا تحتمل كثافة الأمطار منذ نفق طريق الملك عبدالله الذي بدأت مشكلته منذ افتتاحه قبل أكثر من سبع سنوات إلى نفق الطيارة (تقاطع الأمير ماجد مع شارع الروضة) الذي افتتح منذ أيام قليلة ، فهذه المضخات العاجزة في أصلها ، تجد التبرير تلو التبرير من الأمانة ، فمرة تكون كثافة الأمطار ، ومرة توجه مياه الشوارع المحيطة بها إلى داخلها ولا أدري أين كانت الأمانة تريد هذه المياه أن تذهب ، هل تذهب إلى الشوارع الأعلى أم تعود إلى السماء؟ مشكلة المضخات والأنفاق في دواخلها ومداخلها أخطاء تنفيذية واضحة ، لا أدري لماذا لا تعترف بها الأمانة وتحمل المسؤولين عنها مسؤولية إصلاحها بدون تبريرات مضحكة ، ولكم أن تتصوروا أن مدخل جسر تقاطع التحلية مع شارع الأربعين يتحول إلى بحيرة من الناحية الشرقية عند هطول أيّ زخة مطر بينما المكان مرتفع وكان يمكن التفريغ أولا بأول في الطريق الموازي لكنها حكمة التنفيذ. وبالمناسبة الجسر جديد ولم يمض على افتتاحه أكثر من عام ، ونفس فكرة التفريغ يمكن تطبيقها على الشوارع المطلة على مجرى السيل من جهتيه ، وقد كتبت عنها منذ فترة قريبة ، فهذه الشوارع تتحول إلى بحيرات يصعب عبورها بينما مجرى السيل أقرب إليها من وايتات الأمانة الشافطة التي لا فائدة منها ولا جدوى. في كل موسم أمطار تعد الأمانة السكان وتتوعد الأمطار بمشاريع تصريف السيول ، لكن المواسم تتوالى والوعد والوعيد مستمران ، ولا شيء يحدث ، ومرة أخرى لا أريد تحميل الأمانة أكثر مما تطيق ، لكني أريدها ألا تعد بالمن والسلوى وهي لا تملك ذلك ، ولا أريدها أن تبرر عجز المضخات بما يثير السخرية ، ولا أريدها أن تعطي وايتات الشفط تلك الفعالية المحددة بالساعات ، والناس يشاهدون ويعلمون أن فعاليتها قريبة من الصفر ، وأنها إهدار للمال والجهد يتكرر في كل عام ، أتمنى لو ترشد الأمانة جهودها وتبدأ بحي واحد في جدة وتحل مشكلته نهائيا مع الأمطار ثم الحي الذي يليه وهكذا بدلا من الحديث عن الحلول العامة التي لا تحدث ولا يتوقف الحديث عنها ، كلام في كلام.