مقال بارز، مترجم إلى اللغة العربية، نشرته صحيفة عربية دولية، في يومٍ من أيام العشر الأواخر من ذي القعدة عام 1431ه. المقال كان بارزاً من حيث عنوانه «رابين».. ومن حيث اسم كاتبه الرئيس الأمريكي الأسبق «كلينتون» الذي يكتب مقالاً في صحيفة أمريكية، تنشره الجريدة العربية معاداً بصورة بارزة تدلُّ على الاهتمام بالكاتب.. د وما يكتب.وقبل أن نشير إلى ما كتبه «كلينتون» عن صاحبه وصديقه رابين، نذكِّر القارئ الكريم بأنَّ رابين مشهور في تاريخ السياسة اليهودية العنصرية في فلسطينالمحتلة، بأنه مهندس «تكسير عظام المتظاهرين الفلسطينيين المنافحين عن المسجد الأقصى، وعن حقوقهم المشروعة» لأنه كان وقتها وزيراً للدفاع في حكومة مشتركة ترأسها شمعون بيريز وإسحاق شامير بالتناوب عام 1984م.وقد نفَّذ الجنود اليهود أوامر رابين بإخلاص منقطع النظير وما زلت أذكر - كما يذكر من عاصر تلك الفترة - منظر ذلك الشاب الفلسطيني -رحمه الله حياً وميتاً- وهو بين أيدي عددٍ من الذئاب اليهودية، وهم يكسرون عظامه كسْراً، وعدسات التصوير تنقل ذلك صوتاً وصورة عبر شاشات التلفاز، ويا له من منظرٍ متوحِّش لا يمكن أن يُنسى، رأى فيه الناس كيف تكسر العظام رأي العين، وسمعوا أصوات طقطقة العظام وهي تكسَّر.ونذكِّر القارئ الكريم بأن المؤرِّخ اليهودي «إيلان بابي» في كتابه «التطهير العرقي لفلسطين» أشار إلى أنَّ إسحاق رابين هو أحد مهندسي ومخطِّطي ومنفِّذي عملية ترحيل الفلسطينيين التي نفذتها الحركة الصهيونية على أرض فلسطينالمحتلة.وهنا نقف لنعود إلى مقال كلينتون الذي «تشرَّفتْ؟» بنقله تلك الصحيفة ونشره بارزاً، لنرى كيف تحوَّل «رابين» إلى رجل مُصلح، رقيق القلب، محبٍّ للسلام، نال جائزة نوبل للسلام مقاسمةً مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وشيمون بيريز وزير خارجية الكيان اليهودي الصهيوني المحتل آنذاك.يشير كلينتون إلى علاقة حميمة بينه وبين رابين، وذلك في الاحتفال بذكرى رحيل إسحاق رابين بعد مرور (15) عاماً على اغتياله، ويؤكِّد أنه كان سيكمل عملية السلام لو عاش ثلاث سنوات، وكان سيفتح باباً لعهد جديد في فلسطين والمنطقة العربية من «الشراكة الدائمة» و»الازدهار الاقتصادي».. وينادي قادة الكيان الصهيوني الموجودين الآن إلى اتباع سنن «رابين» الذي أصبح عنده رمزاً للسلام والحرية والتعاون والأمن في المنطقة.ويشيد كلينتون بصاحبه لأنه يمثل إسرائيل تمثيلاً قوياً، فهو قد حمل السلاح للدفاع عن حرية «إسرائيل» الدولة المغتصبة» وضحى بحياته من أجل تأمين مستقبل هذه الدولة التي تعيش على احتلال الأرض، وسفك الدماء، وتشريد الملايين. وينقل كلينتون كلاماً لرابين وجَّهه إلى الشعب الفلسطيني عندما جاء إلى البيت الأبيض عام 1993م للتوقيع على إعلان المبادئ مع الفلسطينيين، وقبل أن يصافح ياسر عرفات.وهكذا يؤكد لنا الكاتب أن الهدف الأسمى عند رابين هو تأمين دولته الظالمة حاضراً ومستقبلاً، وقد حمل من أجل هذا الهدف السلاح وأمر بتكسير العظام تكسيراً مباشراً، وخطَّط لترحيل أصحاب الحق ونفَّذ ذلك مع من نفَّذ من مجرمي هذه الدولة الصهيونية الجاثمة على صدر فلسطين، كما حمل السلاح الآخر، سلاح «دعوى السلام» وتكسير عظام الفلسطينيين معنوياً وسياسياً، ليرضوا بدولةٍ «ضعيفة» متهالكة مع أنَّهم هم أهل الدَّار وأصحاب الحق.إنَّ في مثل هذا المقال الذي كتبه الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون عن «رابين» تضليلاً للأجيال، وتشويهاً للحقائق، ومحاولة واضحة لإقناع الإنسان العربي المسلم بأهمية السلام مع المغتصب المحتل، سلاماً يُمكِّن الظالم من المظلوم، ويرسِّخ أقدامه في أرض مسلوبة يتناثر أهلها في أرجاء المعمورة ظلماً وعدواناً.نحن لا نلوم الكاتب، فهو يكتب لنفسه ولقومه، وإنما نلوم مَنْ يتبنَّى الترويج لهذا التضليل والتشويه لقضية فلسطين، التي هي أُم قضايا المسلمين. إشارة: إذا كان وجه الليل أسودَ فاحماً=ففيه لآمال المحب مَطالعُ