في شمال جدة شارع لا بالطويل ولا بالقصير، عريض المنكبين واسع الرصيفين، اسمه الأمل، فهو يضم مستشفى الأمل أو هو مشفى الأمل لمن أدمن المخدر حتى عاد بلا أمل. هذا الشارع انقلب بقدرة قادر إلى رمز لا تخطئه العين حتى وإن كانت كفيفة.. هذا الرمز هو الكسل. ومنذ عامين أو أكثر دكت اسفلت شارع الكسل معدات الحفر الضخمة وجُلبت له رافعات عالية وأجهزة خاصة لمشروع قديم بالنسبة لغيرنا جديد علينا اسمه (الصرف الصحي). بالنسبة للعالم الأول لا يُفتح الشارع ولا يُنفق على تزفيته إلا وقد عُولجت كل مشكلاته الباطنة والظاهرة. أما في العالم الآخر طبعاً، فإن المظاهر هي الحكم السائد... شارع جميل، لكن باطنه (مدمور) ينوء بالرزايا والبلايا وسوء التخطيط وغياب المسؤولية واستفحال الفساد. هذا الشارع المسكين وأهله الغلابى عانى (ولا يزال) من سوء التنفيذ وغياب المراقبة وشدة الكسل. ولو أن منشأة نووية رافقت هذا المشروع البائس منذ بدايته لانتهت منذ أمد طويل شريطة أن تُقام في عالم (أول) يدرك أن حبل المحاسبة شديد يلتف حول أعناق المقصرين فلا يتركها إلا مزهقة بائسة، على عكس حبل التراخي الذي ينسى المتسببين ليلتف على أعناق السكان المجاورين والسائقين الرائحين والغادين. هذا المشروع مثال واضح على بؤس التنفيذ وعلى بؤس المحاسبة وعلى بؤس المراقبة... كله بؤس في بؤس. ولا يعلم أحد إلى أي مدى سيستمر هذا البؤس.. عاماً أم اثنين.. ربما ثلاثة أو أربعة.. لا أحد يعلم ولا أحد يريد أن يعلم. إنه بؤس التخلف الذي سيحيطك بقائمة من الأعذار والأسباب لا أول لها ولا آخر.. لو أردت أن تدخل معه في جدل عقيم. وشارع الكسل هذا ينقلب إلى كابوس مرعب مخيف بمجرد التفكير أن هكذا بؤس يمكن أن ينتقل إلى مشروع عملاق مثل (قطار الحرمين) ليحيله إلى مشروع (مزعاج) يستمر عقودا طويلة وآماداً بعيدة، لو أنه سيُنفذ بذات الآلية وذات العقلية وذات المقاول الذي يمكن لي أن أتحدى أكبر شنب أنه من الباطن وربما باطن الباطن. ما أحلى الكسل!!