كنت أحسب أن الجامعات هي أم العلم الحديث، وأنها تضم خيرة علماء البلد في معظم التخصصات الدنيوية والشرعية. لكن يبدو أن أمانة محافظة جدة قد نجحت في إقناعي بالعكس، على الأقل في تخصص عملي يهم كل مواطن ومقيم ومرتبط بالشوارع وسفلتتها والمرور وأصوله. وكي لا أطيل (الفلسفة)، دعوني أضرب لكم مثلاً يظهر منه أن البعض يلوم الأمانة الموقرة، ولعل لها عذراً ونحن نلوم. جامعة الملك عبد العزيز هي قلعة العلم الكبرى في جدة، وفيها كلية للهندسة، وفي الكلية قسم كبير للهندسة المدنية يضم نخبة منتقاة من الأساتذة العلماء والخبراء. وملاصق للجامعة حي اسمه السليمانية تم إيكال سفلتة (وفي رواية زفتتة) شارعه الرئيسي (واسمه عبد القدوس الأنصاري) وعدد من شوارعه الداخلية.. إلى مقاول يبدو أنه ضرب صفحاً بكل علوم الهندسة واعتبرها من القديم المنسوخ. صاحبنا المقاول الجهبذ أتى بالأسفلت (أو الزفت) فنشره على الأسفلت القائم ثم دكّه دكّا، ثم ذهب إلى حاله. لم يكلّف نفسه عبء (كشط) الطبقة القديمة من الأسفلت كما تقوم العلوم (الزينة) التي يعلمها الضالعون في العلم والخبراء في التخصص. وحين فعل فعلته أصبحت بعض أرصفة البيوت دون مستوى الشارع المزفت الجديد، وكثير منها أصبح في المستوى نفسه، والبشرى لبقية البيوت عندما يحل موعد الاسفلت القادم الذي إن عُولج بالطريقة (العجيبة) نفسها. أما البيوت التي أصبحت (واطية)، فعليها منذ الآن الاستعداد لموسم الأمطار القادم لأن المياه ستدهمها على أي حال، حتى ولو كانت مليمترات قليلة. الذي أجهله حتى الآن هو موقف الأمانة التي لا بد أنها استلمت هذا المشروع (الزفتي) العجيب، مقرة بهذا الأسلوب (الخلاّق) في (التزفيت) دون عناء ولا تكشيط. وعلى فكرة، فقد اختفت الحفر القديمة، لكن ظهر في المقابل حفر رسمية جديدة أكثر عمقا وضررا خاصة بأغطية فتحات المياه والصرف الصحي. أحدهم همس في أذني: (التفسير الإبداعي لهذا الحل الخنفشاري هو أن هذا المقاول الغلبان أخذ العقد باطناً عن باطن حتى آل إليه بملاليم، وليس ثمة طريقة للتربح إلا كبس الشارع بدون تردد!!).
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain