بعد مشاهدة فيلم أمريكي جميل، يصور تنامي الوعي الأمني لدى الشعوب المتقدمة وكيفية التعامل مع القضايا الأمنية والحالات الطارئة، استرخيت لأكمل ماتبقى من مجموعة قصصية بعنوان (أول المغفرة) للصديق الجميل (محمد النجيمي) القاص المشرق، وإذ بصوت أجش يخترق سكون الليل ويهدهد غفوة الشارع الممتد عل أريكة من سكينة، كان الصوت نابعا من مكبر صوت في ساعة متأخرة: (قفل يا بقالة الحرم .. يالله بسرعة، للحين ماقفلت)؟! استعذت من السهر بأطهر جراحي، وبدأت أغرق في تفاصيل (النجيمي) الشفيفة، وإذا بالصوت يتكرر، ولكن هذه المرة يمعن في ضوضاء لا تنتهي! فتحت نافذة المنزل المشرعة على شارع (الصبر)؛ لأتأمل المشهد الدرامي الليلي، كان (فيلم) آخر ولكن على الطريقة المحلية، كان رجل الدورية الأمنية يصعب عليه أن يترجل ليتحدث مع الوافد العامل ويأمره بإغلاق المركز التجاري في الوقت المحدد، لذلك فضل استخدام مكبر الصوت ليوقظ كل النائمين صغارا وكبارا في الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الفجر بثلاث ساعات على الأقل! أغلقت نافذة الليل على هذا المشهد الذي بات يتكرر كل ليلة وفي أحياء مختلفة، واستعدت الفيلم الأمريكي الذي شاهدته قبل ساعة، لم أحاول أن أعقد مقارنة حتى لا أتعب فكري ولا أتورط في مسلسل الأرق الليلي! ولكني تذكرت نكتة قديمة جنوبية النكهة تحكي عن دورية مرور تطارد رجلا قرويا مسنا وقائدها يردد: ( ياعراوي على جنب، على جنب ياعراوي)، وبعد أن وصل القروي إلى منزله عاتبه رجل المرور بسبب عدم انصياعه لأوامره، رد عليه المسن القروي بعفويته البسيطة: (ياخي أنا ما اسمي عراوي، أنا اسمي غرم الله )! على حد علمي .. أن هناك دورات تثقيفية تقام لمنسوبي الأمن في فن التعامل، لتوعية أفراد قطاعي المرور والشرطة وتعريفهم بكيفية التخاطب مع الناس، كونهم الأكثر احتكاكا بالجمهور وفي مواقع حساسة وظروف وحوادث طارئة ومختلفة باختلاف الأشخاص والعقليات. وعلى حد حلمي .. أنه مع كل مايقام من هذه الدورات تبقى العلاقة يشوبها الالتباس بين رجل الأمن والمواطن البسيط .. ويكفي.