ينطلق صوته الهادر المزمجر الغاضب في مكبر الصوت ( على جنب يا صاحب السيارة ) يتوقف صاحب السيارة المسكين المرتعب من الصوت الهادر وكأنه قد ارتكب جريمة تهز جوانب المملكة العربية السعودية , وينزل وهو يرتجف ويدعو الله أن يكون رجل المرور بخير وكذلك أهله وزوجته وأولاده وخالته وجدته وكل من يعز عليه لكي تكون نفسيته مرتاحة ولا يصب جام غضبه عليه. بعد أن ينزل ويقف عند نافذة رجل المرور والمتكئ في سيارته إلى وضع اقرب للإنسداح على جنب , يسلم ثم يرمقه رجل المرور بنص عين ومن غير نفس ويطلب منه الرخصة والاستمارة فينطلق المواطن المسكين مسرعا لسيارته ويأتي برخصته واستمارته ليسلمها لرجل المرور والذي يمد يده اليسار بكل عنجهية واستحقار لمسافة لا تزيد عن شبر ليلتقط الأوراق من المواطن ومن ثم يرفع زجاجة النافذة لكي لا يذهب هواء التكييف سدى في هذا الجو الحار أو ربما لكي لا يصل شي منه للمواطن, تاركا المواطن واقفا في شدة الحر ولهيب الصيف لمدة لا تقل عن ربع ساعة وهو يقلب الأوراق ويتأكد من صحتها في سيارته المكيفة. إلى هنا أتوقف ..... فما يهمني هو هذه الجزئية فقط بغض النظر عن بقية السيناريو الحزين. كانت هذه هي الصورة النمطية السابقة لرجل المرور في عقولنا الطفولية وللأسف مازالت هي نفسها في عقولنا الحالية وأتمنى أن لاتستمر هذه الصورة النمطية في عقول أجيالنا المستقبلية. . لمرور الخرج دور كبير وجهد مميز ومشرف ومشكور لا ينكره كل منصف وكل عاقل ولكن هناك علامات استفهام كبيرة وكثيرة ومحيرة أوجهها لمدير مرور الخرج ولضباط المرور في محافظتنا الحبيبة , ولن أوسع مجال النقاش بل سأحصره في ثلاث نقاط وهي: 1- الاستخدام الخاطئ لمكبرات الصوت في سيارات المرور ولهجات إصدار الأوامر بالتوقف والتي دائما ما تأتي مهددة متوعدة وغاضبة ومن غير نفس. بل المفترض انه وسيلة حضارية يقصد منها الإشعار بالتوقف فقط ولاشي غيره وبلهجة هادئة مؤدبة تعكس خلق رجل المرور. 2- أليس هناك توجيه من وزارة الداخلية بأن من ينزل هو رجل المرور وهذا هو عمله وليس فيه أي اهانة أو انتقاص من قدره فهو رجل الميدان ومن واجبه هذا الشئ . بل رأيت في الدول الغربية أن من حق رجل المرور أن يشهر المسدس في وجه السائق إذا نزل من سيارته لأن هذا مخالف للنظام وفيه نية اعتداء بنزول السائق من سيارته. 3- التعامل الاستعلائي المتعجرف من بعض رجال المرور واللهجة الإحتقارية للمواطن وكأنه قد عمل ما يخل بالشرف والمواطنة الحقة. فكل بني آدم خطاء , والمطلوب من رجل المرور في جميع حالات أخطاء المواطن ولو كانت كبيرة هو تنفيذ عمله فقط واتخاذ الإجراء المناسب دون التعرض لشخص المواطن بالتجريح والانتقاص والامتهان. فقبل كل شي وبعده فالمواطن له كرامته التي يحترمها و ينص عليها قانون المملكة العربية السعودية ويحفظها له بل وكل الأعراف الدولية تعترف بذلك حتى لمجرمي الحرب. فأتمنى أن يكون هناك دورات لرجال المرور في طريقة التعامل مع المواطن وأيضا دورات متخصصة في تطوير الذات والبرمجة العصبية والنفسية أسوة بباقي قطاعات الدولة كقطاع التعليم والتعليم العالي وليس هناك عيب في ذلك أو انتقاص لرجل المرور فهناك أساتذة كرام ودكاترة إجلاء ومسئولين كبار يدرسون هذا العلم ويحرصون على حضور دوراته بل هو أيضا جزء من نظام المرور التطويري الذي يقدمه لأفراده في العالم المتقدم. همسة : ليس عيبا أن تخطئ ولكن العيب أن تكابر وتستمر بأخطائك. ناجي بن مساعد