من أعظم المواقف التي تمر على الأم فقدها لأحد أبنائها بعدما يشب ويكبر ويكون صورة مشرفة لها في مواقف كثيرة تفتخر بها، وخاصة عندما تفتقده في مرض، لكن الوضع يختلف عندما يشارك في الدفاع عن وطنه ويكون لها شرف فوز ابنها بالشهادة في سبيل الله، وقتها تكون مصيبتها أخف وقعاً على قلبها كأم فقدت جزءاً من حياتها وذلك عندما تهنئها الأمهات من حولها والعالم أجمع بتلك المكانة التي قد تلهيها عن الحزن الذي يسيطر عليها كأم لن يعوضها عن فقدها لابنها أي رجل .وما يحدث هذه الأيام لأمهات الشهداء على حدودنا الجنوبية وغيرهن من الأمهات اللاتي يشاركن برجالهن في صد المتسللين لبلادنا لصورة مشرفة تستحق الإشادة بها لمواساة أمهات فقدن أبناءهن في واجب وطني لا يقارن بأي واجب آخر، وتهنئة لابد من ترجمتها إعلاميا بما تستحقه من تكريم لنساء لم يبخلن بالمعلومة للجنود للاستدلال على المتسللين المتنكرين وراء الملابس النسائية، أيضاً والإشادة أعظم لصبر وتحمل نساء المخيم الحدودي وهن يعشن أيام الحرب مع أسرهن بعدما انتقلن استجابة للحماية الوطنية لمخيم الإيواء اتقاء لشر المعتدين الغازين لبلادنا وأمننا، وتحملهن لما يواجهنه في أي لحظة وهن يسمعن الطلقات النارية، وأزيز الطائرات الحربية، وتوقعهن لأي هجوم مباغت من أي متسلل أرضي في ظلمة المخيم، هذه المواقف العصيبة التي تمر بها نساء المخيم لا يمكن الاستهانة بها، أو تجاهل لوضعهن الحالي الذي حرمهن نعمة الاستقرار الذي كن ينعمن به في مساكنهن السابقة حتى لو كانت شعبية أو من العشش أو حتى من الصفيح، أو حتى بعدهن عن لقمة العيش التي يقمن بها وإن كانت شاقة ولا تجمع منها سوى وريقات بسيطة! فالمعاناة التي نقلتها \"الوطن\" يوم الجمعة عن المسنة\"سلمى مهجري\" وهي تبث شكواها واشتياقها لأغنامها نتيجة بعدها عنها للجوئها للمخيم وهي تجمع فتات الخبز لها لكي تطعمها عندما تزورها على فترات في محافظة أحد المسارحة نهاية كل أسبوع لصورة معبرة عن الظروف الصعبة التي تعيشها كثير من نساء جازان القريبات سكناً من الشريط الحدودي الجنوبي، وقد تكون هناك العديد من الصور والمواقف المعبرة عن معاناة هؤلاء النساء في أوضاع الحرب ونحن نعيش أيام الحج ونستعد لاستقبال عيد الأضحى المبارك مما يستوجب المشاركة الوطنية الإنسانية على جميع المستويات وتشجيع التطوع في مثل هذه الأوقات الحرجة التي بلا شك تزيد من الحس الوطني الذي لا يجب اعتباره أو إيقافه عند حدود الهتافات ورفع الشعارات والتطبيل في المجمعات التجارية والطرق العامة، فهذه فرصة شبابنا وفتياتنا للتعبير عن حسهم الوطني وما تقدم به أبناء جازان بعد تطوع 635 شاباً وفتاة لخدمة ساكني المخيم لصورة خضراء مشرفة لابد من تسجيلها في سجل إنجازاتهم الوطنية، ولكن الذي يثير الاستغراب غياب الناشطات الحقوقيات المطالبات دوماً بحماية النساء من العنف ومن هضم الحقوق، وغياب نساء الجمعيات النسائية في المنطقة الجنوبية أيضاً عن النزول لميدان مخيمات الإيواء والاطمئنان على أوضاع النساء بعد نزوحهن من مساكنهن وتعرضهن لصدمة الحرب مع أطفالهن وما تتطلبه هذه الصدمة من تدريب وتأهيل على التكيف مع الحدث وتحمل مواجهته!