غالبًا ما يكون للمشكلة العامة أكثر من حل.. منها ما هو تقليدي بحت، ربما كان مناسبًا لزمن ما، لكنه غير مناسب لزمن آخر. ومنها ما هو جيد، وأكثر فعالية، لكن منها بالتأكيد ما هو مدروس يتناول جوانب المشكلة جميعًا، فلا يطغى جانب على آخر بصورة فاضحة: ذلكم هو الحل (الذكي). ولا يُشترط في واضعي الحلول الذكية التمتع بذكاء خارق، أو مواهب نادرة، وإنما يُشترط منهم الاستماع فقط إلى كل الأطراف المعنية بالقضية، أي أصحاب المصلحة سواء كانوا مستفيدين أو متضررين. وأمّا التسلّط في الرأي، والاستبداد بالقرار، فلن يُنتج في النهاية إلاَّ حلولاً (غير ذكية)، سيتضرر منها أطراف، في حين ستستفيد منها أطراف أخرى، أي باختصار سينعدم التوازن المنشود. خذوا مثلاً الحل التقليدي الذي يحظر دخول الشباب بمفردهم إلى الأسواق الكبرى، والمجمعات التجارية المشهورة. الحل بُني على فرضية أن (بعض) شبابنا سيعاكس (بعض) فتياتنا داخل السوق. وعليه فلا حل إلاَّ منع كل الشباب (الأعزب) من دخول السوق المحظور. وبالمنطق نفسه يُحرم الشاب من دخول الملاهي، وربما المطاعم، خاصة عند ازدحامها بالعوائل في المناسبات الكبيرة كالأعياد والإجازات. وهكذا يستمر مسلسل الحلول التقليدية العتيقة، دون التفكير ولو مرة واحدة في إعادة النظر فيها، بدءًا بدراسة المشكلة من جديد، وانتهاءً باقتراح حلول أخرى أكثر عملية وذكاء. المحصلة أن هؤلاء الشباب سيفيض بهم الكيل، وربما أثاروا من الشغب والفوضى التي كنا في غنى عنها لو أننا منحنا أنفسنا فرصًا أكثر للدراسة والتفكير لنصل إلى حلول (ذكية)، ومعقولة، ومقبولة من كل الأطراف. وأمّا آخر الأمثلة، فتلك التي عايشتها مناطق شمال جدة، وعانى منها سكان جدة عمومًا.. وهي الخطة المرورية (غير الذكية) التي طُبّقت على مدى 4 أيام، اعتبارًا من ثاني العيد حتى صباح خامسه. صدّقوني أهل جدة في حاجة إلى إجازة إضافية للراحة من عناء تلك الخطة التي لم تحترم حتّى الخطة التي أعلنتها عبر الصحف، محددة أوقات السماح بالحركة، إذ ظل الحظر مستمرًا لساعات اليوم كلّها تقريبًا. المطلوب حلول ذكية، ورائعة، ومعقولة.