وزراءنا الأعزاء.. افتحوا النوافذ للشمس علي بن يحيى الزهراني * .. في خبرين منفصلين وحتى متباعدين زمنياً.. الأول.. حدث الاسبوع الماضي.. كمين أمني يطيح برئيس بلدية تورط في رشوة.. وفي ثنايا الخبر ان سيادة الرئيس تم اعفاؤه!.. لاحظوا تم (الاعفاء) وليس (الفصل)!! ومثل هؤلاء لا يحزنك أمر فعلهم بقدر ما يثيرك حجم ردة فعلنا نحن!! فهؤلاء (المساكين) الذين بلعوا.. من تحت الطاولة وأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم حتى اذا ما فضحتهم (كروشهم) يأتي عقابنا الرادع الذي لا يتجاوز مجرد الطبطبة على الاكتاف..(جزاك الله خير).. أعفيناك مما قدمت..! ولا يذهب هؤلاء من الابواب الخلفية الى الهوة السحيقة، بل يعود بعضهم من البوابة الرئيسية الى موقع اخر.. الخبر الاخر.. حدث قبل فترة عندما رفض احد المسؤولين في وزارة الصحة رشوة من احدى الشركات.. الخبر اخذ ما يستحق من (الأصداء)، والموظف بدون شك يستحق ذلك، لكن الملاحظ ان كل (تهليلنا) كان عن حالة الشرف والنزاهة التي اظهرها ذلك الموظف (الشريف)، ولم يحاول أحد أن يقلب الطاولة ليقول لنا عن الحالة المقابلة (الفساد) التي أدت الى ذلك؟ كيف؟ ولماذا؟ فربما لم تكن هي الحالة اليتيمة ولربما غيرها مر بسلام؟! .. وعموما ففي النهاية فإني اريد ان اصل من خلال الحادثتين إلى ان (الفساد الاداري) بدأ يتفشى. تدخل ادارة بهوية “مواطن مطحون” فتجد امامك كل عقاب السراه، ورغم معاناتك وتعبك إلا انك لا تخفي من الداخل بعض اعجابك (بكمّ) الأنظمة والقوانين واللوائح التي أعدت لحفظ الحقوق والمصالح..! وعندما تدخل الى نفس الدائرة ولكن بهوية وبطريقة اخرى تجد ان كل ذلك الكم من التنظيمات لا وجود له وان الاختراق اسهل من (شربة توت). وان العملية هي في قضية من يصل؟ أو كيف يصل؟! (يعني) يا يكون عندك (خشم) بحجم طويق أو عندك ما يدهن السير حتى يكون بسرعة قطار باريسي!! وهذا كله في النهاية هو خراج الفساد الذي يذبح الناس ويضيع حقوقهم ويذهب بمصالحهم!!.. والدولة حرسها الله.. وهي التي سنت تلك القوانين لصالح العباد والبلاد.. أدركت ما قد يسببه الفساد من ضرر بالوطن والمواطن.. لذلك نادى خادم الحرمين الشريفين بمشروع (الاصلاح) والفساد يا سادة يا كرام من أخطر ما تواجهه الدولة ومن اسوأ ما تعايشه المجتمعات. ذلك انه ينخر في اجسادنا ونحن لا نشعر به أو اننا نشعر ولكننا نمارس دونه صمتاً مقيتاً اما بدعوى (أنا لا علاقة لي) او بسبب الاستفادة الذاتية التي يحصل عليها البعض من جراء قضاء مصالحه!! .. والفساد لعنته انه يدب من تحت التراب ويمر من بين قدميك دون أن تراه.. وآفته انه يعتلُّك من الداخل ومظهرك يبدو لرائيه صحيحاً. أما باعثه فهو التغاضي عنه أو التقليل من خطورته أو سلبية الاكتراث به. الفساد كداب الجحور اذا وقع فوق رأسه ما يصعقه عاد الى جحره.. لذا نحن نحتاج الى يد من حديد كي توقف هذه القوارض.. وهذه الايدي لن تستطيع ان تمتد وهي على مكاتبها الوثيرة وخلف ابوابها المغلقة لكي تقطع دابر الفساد! لابد ان تكون داخل الميدان تتفقد وتتحسس وترى خصوصا واننا نتفق على ان الفساد مقنع ويمارس التخفي من خلف الجدران وبمقدروه المرور من تحت (السراميك والسجاد الشيرازي)! .. من هنا اربط هذا الموضوع ربطاً وثيقاً بالعنوان (وزراءنا الأعزاء.. افتحوا النوافذ للشمس).. نريد من وزرائنا ان يفتحوا ابوابهم لمواطنيهم سئمنا من غرف وراءها غرف وراءها غرف، لا نحن وصلنا الى المسؤول (الا بعد شق الروح) ولا هو نزل إلينا. هذا المواطن.. هو صاحب المصلحة الحقيقية وهو الذي من أجله وضعنا على كراسينا الوثيرة لذلك لابد ان تكون كل الابواب مفتوحة في وجهه والجسور اليه ممتدة. وعلى وزرائنا ان يشيعوا ثقافة (الباب المفتوح) في قطاعاتهم فمع الأسف في المناطق بعض المديرين العامين ابوابهم موصدة.. يصعب الوصول اليهم.. دائما في اجتماع وهم في الغالب وحيدون يحتسون القهوة البرازيلية ويطقون الحنك على التلفون أو مع أحد الاصحاب.. ويا المواطن لك الله.. خصوصا اذا ما كان من أولئك المطحونين فهؤلاء حتى الحراس ينفخون في وجوههم. فافتحوا الابواب للشمس تماما مثل ما هي مفتحة ابواب وطن الشموس! هذه ناحية أما الناحية الاخرى.. فان على وزرائنا الموقرين ومن خلفهم نوابهم ومساعدوهم والمدراء العامون ان ينزلوا الى الميدان.. فهناك الحراك التنموي الفعلي وهناك المحك الحقيقي لكل مصالح الناس!! هناك ترى ما يدور وتسمع من الناس مباشرة ما لا ترى. وحتى تكون هذه الجولات مثمرة فاننا لا نريدها صاخبة، مواعيد مسبقة واستعدادات مبكرة ولوحات ترحيبية بمعالي الوزير وفرش وورد وبخور.. نريد معاليه ألا يشعر به أحد الا وهو داخل الأروقة وبين المكاتب عندها ستتكتشف له أشياء وتستقيم بالمخاوف اشياء!! .. ان فتح الابواب ومد الجسور للمواطن والنزول اليه في الميدان ستكون من أهم الاسباب لمعرفة القصور وكشف المستور وفي هذا جزء من علاج الفساد. _________________ * كاتب بصحيفة \"المدينة\" السعودية0