أصدرت المحكمة الجنائية في مدينة العين التابعة لإمارة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة حكما يقضي ب "براءة" الشيخ عيسى بن زايد آل نهيان، الأخ غير الشقيق لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، من كافة التهم المنسوبة إليه، والمتعلقة بقضية تعذيب تاجر الحبوب الأفغاني محمد شهبور. "براءة شاملة" وجاء في خلاصة الحكم، والذي تلاه رئيس الجلسة القاضي مبارك العوض اليوم الأحد، أن الشيخ عيسى "بريء" من كل التهم التي كانت قد وُجِّهت إليه في قضية تعذيب شهبور. وقد صدر حكم "براءة" الشيخ عيسى بعد أقل من شهر على إقرار محاميه، حبيب الملاَّ، بأن موكله "كان تحت تأثير المخدرات" أثناء ظهوره في شريط تعذيب المواطن الأفغاني، وبالتالي لا يمكن تحميله مسؤولية أفعاله تلك". ونقلت صحيفة "ذي ناشيونال" التي تملكها حكومة أبوظبي عن الملاَّ خلال جلسة للمحكمة أواسط الشهر الماضي قوله: "إن موكلي لا يتذكر ما حدث معه في تلك الليلة، فقد تم تخديره بغير إرادته ولا يمكن اعتباره مسؤولا". "حقن بالمخدرات" وأكد الملاَّ أن اثنين من المتهمين السبعة بالقضية نفسها، وهما الشقيقان الأمريكيان من أصل لبناني بسام وغسان النابلسي، حقنا الشيخ عيسى بالمخدرات قبل تعذيب شهبور، ومن ثم قام بتصوير الفيلم وابتزازه لاحقا. وقد عرض المحامي أمام المحكمة رسالة من أحد هؤلاء المتهمين تطالب الشيخ عيسى بدفع 68 مليون دولار لإتلاف شريط الفيديو المذكور. عصا بمسامير ويظهر الشيخ عيسى في الشريط وهو يضرب الأفغاني بعصا خشبية فيها مسامير، ومن ثم يقوم برشِّ الملح على جروحه، وذلك على أثر خلاف بينهما على حمولة حبوب مفقودة تبلغ قيمتها خمسة آلاف دولار أمريكي". وقال الملاَّ إن موكله "يتحمل مسؤولية ضئيلة" في القضية لأن الشقيقين النابليسي يتحملان المسؤولية الأكبر، وقد حُكم عليهما غيابيا في وقت سابق بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهما ودفع غرامة مالية قدرها 2723 دولارا أمريكيا. وتعليقا على حكم البراءة بحق موكله، قال الملاَّ: "إن كون هذه المحاكمة تجري يشيير إلى أن الإمارات تظهر أن الجميع في هذه البلاد يمثلون أمام القانون ويُحاكمون." وقد وصل الشيخ عيسى إلى قاعة المحكمة تعلو محياه ابتسامة عريضة، ومن ثم قام بتقبيل جبين محاميه الملاَّ، تعبيرا عن شكره وامتنانه له بعد صدور حكم البراءة بحقه. لكنه لم يدلِ بأي تعليق. أمَّا شهبور، فلم يبدِ أي رد فعل عندما تُليت الأحكام. أحكام أخرى أمَّا النيبالي الذي يظهر في الشريط، وهو حارس أمن، فقد برَّأته المحكمة أيضا. لكن المحكمة أصدرت حكما بالسجن لمدة عام واحد بحق مواطن سوري أُدين بضرب شهبور، وحكمت بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق شخصيت آخرين، هندي وفلسطيني، أُدينا بجريمة إدخال عصا بمؤخرة رجل الأعمال الأفغاني. هذا، ولم يدل دبلوماسي أمريكي حضر جلسة اليوم الأحد بأي تصريحات للصحفيين في أعقاب صدور الأحكام. كما أن الادعاء العام في إمارة أبو ظبي لم يوضح فيما إذا كان ينوي استئناف الأحكام أم لا. بيان هيومان رايتس ووتش وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد أصدرت بيانا بمناسبة انعقاد جلسة اليوم قالت فيه إنه "ينبغي على الحكومة الإماراتية أن تفعل أكثر من مجرد أن تحاكم ببساطة الشيخ عيسى، بل عليها أن تعيد الثقة بنظام العدالة في البلاد". وكررت المنظمة دعوتها إلى الحكومة الإماراتية لإنشاء "هيئة مستقلة تتمتع بسلطة التحقيق بصورة أوسع بانتشار سوء المعاملة والتعذيب على أيدي أفراد الأمن، وأفراد آخرين في السلطة والمواطنين العاديين." وكانت القضية قد حظيت بقدر كبير من المتابعة والاهتمام، ليس فقط لأن الشيخ عيسى هو الأخ غير الشقيق لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وابن رئيس الدولة الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بل أيضا بسبب محتويات شريط التعذيب. تعذيب في الصحراء فقد ظهر الشيخ عيسى في الشريط، الذي بثته قناة إيه بي إس التلفزيونية الأميركية في 22 نيسان/أبريل الماضي، وهو يقوم بتعذيب الرجل الأفغاني في الصحراء. وقد تم وضع الشيخ عيسى رهن الإقامة الجبرية ومُنع من مغادرة البلاد على أثر بثِّ الشريط المذكور. وظهرت تفاصيل الشريط عندما أبرزه رجل أعمال تجمعه بالشيخ عيسى شراكة أعمال سابقة، وذلك كدليل إدانة في ملف القضية التي رفعها رجل الأعمال المذكور ضد الشيخ الإماراتي. يُذكر أن حوالي 80 بالمائة من سكان اتحاد الإمارات العربية المتحدة، البالغ عددهم 4.2 مليون نسمة، هم من الأجانب، كما أن الأسر الحاكمة في الإمارات السبع التي تشكل الاتحاد، هي التي تتحكم بمقدرات كل إمارة، مانحة المواطنين من سكان البلاد الأصليين بعض الحقوق السياسية.