في تلك الغرفة المظلمة ذات "السجادة واللي الأحمرين"، والدولاب ذي الأدراج الزرقاء، اغتال الجاني أعراض 16 فتاة قاصرا، بأفعال شاذة وطقوس وحشية، بعد الإيقاع بهن بالحيلة في غمرة انشغال أهلهن بالتسوق، أو المشاركة في أفراح الغير، وعلى تلك "السجادة الحمراء" كان يفعل فعلته ثم يقوم بركل الضحية ليستمتع بتدخين شيشته، كانت تلك الأوصاف التي تشارك فيها "القاصرات المغتصبات" في شهادتهن في عدد من أقسام شرطة محافظة جدة. وبحسب صحيفة الوطن عبرت أمهات المغتصبات في حديثهن عن عميق حزنهن بالقول: إن الجاني اغتال فرحة كل أم، كانت تحلم بزفاف ابنتها وعرسها، وأصبحنا نحمل وصمة الخزي والعار، ودخلت أم المغتصبة (ش) في نوبة بكاء شديدة، مقدمة الكثير من الأسئلة، فحواها "لماذا فعل ذلك بابنتي"، لتقول بعدها "منذ عام لم يغف لنا جفن، لتصبح ابنتي بعدها مريضة نفسيا. وقالت أم (أ) البالغة 8 سنوات: لقد هدم الجاني حياتنا وأسرتي ووقعت في انفصال نفسي وأصبح كل منا أنا وزوجي في شقاق لا يطاق، وبينت أن زوجها قام منذ وقوع حادثة الاختطاف بنقلهم بعيدا عن أعين الجيران الذين توافدوا للسؤال عن كيفية اختطاف ابنتهم وكانوا دائما يتناقلون النميمة ابنتها "حملت سفاحا". وبغاية الحزن لملمت أم (ب) "يمنية الجنسية" حزنها وكتمت دموعها مبدية لوعتها على تشريد أسرتها بعدما قرر الأب حرمانها وأبنائها من البقاء بجواره في المملكة وعودتها إلى بلدها وأبدت استياءها من الواقع المؤلم الذي ينتظرها في ظل تداعيات الثورة اليمنية وخشيتها من الموت مع أطفالها الصغار" قائلة: ليس لنا أي ذنب فيما فعله المجرم لقد شرد أسر الضحايا دون أن يستيقظ ضميره. وتستعد أسرة القاصر الباكستانية "للترحيل" أيضا بعد اغتصابها من الجاني، وبعدما قرر رب الأسرة "خروجهم النهائي من البلد"، حيث تبدي والدتها تخوفها على مصير حياة طفلتها في منطقتهم الباكستانية القبلية، التي تخضع وفقا لتعليقها لأصول متوارثة وهي قتل أي فتاة اغتصبت "منعا لوصمة العار". فيما أفاد مصدر أمني مطلع إلى أن جميع إفادات الضحايا تطابقت مع ما تم تحريزه من مضبوطات لدى فرقة شعبة البحث الجنائي بشرطة جدة، حيث اتضح للجنة التحقيق أن الجاني كان يستدرج ضحاياه من جنوبجدة، ويتلذذ بتعذيبهن، وبلغ معدل احتجاز عدد منهن ما بين 14-16 ساعة. وقال المسؤول الأمني إن زمن ارتكاب الجرائم يتم في نهاية العطلة الأسبوعية (الخميس والجمعة)، ويجبرهن على شرب المسكر المصنوع محليا (المعروف بالعرق). وأضاف: كان يغوي القاصرات بعدة حيل، بالحلويات أو لعبة، أو باختيارهن من ورقة ملونة مرقمة من (1-20)، لاختيار جائزتهن، التي كانت تذاكر طيور الجنة، أو ألعاب ملاه، أو مبالغ مالية تقدر ب200 ريال، وكان يدعي أنه من إدارة السوق. وأوضح المصدر الأمني أنه بعد فعلته يقوم برمي ضحاياه من القاصرات ما بين الكيلو 10 و14 وكان توقيت فعلته "بعد صلاة العشاء وحتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، إلا في حالتين طالت فيهما مدة الاحتجاز ما بين 14-16 ساعة"، كما كان يقوم بضرب ضحاياه بشدة، إذا ما طلبت الأكل أو الشرب. وكانت المضبوطات التي حرزتها فرقة الضبط بقيادة الرائد سلطان المالكي قد أثبتت صحة المعلومات التي أدلت بها "القاصرات"، وقال والد إحدى الضحايا الذي يعمل طبيبا "إن أكثر السبل لاتهام الجاني هي المياه التي كان يسقيها للضحايا، والتي كانت من نوع محدد، متابعا: بذلت الفرق الميدانية على مدى عشرة أيام مجهودا في نقل القاصرات للتعرف على المكان الذي تعرضن فيه للحادثة. وعلمت "الوطن" من مصادرها أن عائلة الجاني وكلت محاميا للدفاع عنه، وأنها ستستخدم ورقة "المرض النفسي" الذي يعاني منه الجاني، باعتبار أن شقيقه منوم بأحد مستشفيات الصحة النفسية، وتشير المصادر إلى أن الجاني ما زال يرفض الحديث، وأنه مضرب عن الطعام. من جهته قال أستاذ علم اجتماع الجريمة بجامعة الإمام محمد بن سعود، الدكتور إبراهيم بن محمد الزبن إن من العوامل الأساسية التي تسهم في ارتفاع معدلات الاعتداء على الأطفال "جهل الوالدين بأساليب التنشئة الاجتماعية السليمة، وضعف الإحساس بالمسؤولية تجاه أفراد الأسرة" مضيفا: يؤكد علماء الاجتماع على وجود مستويات عدة تسهم في إساءة معاملة الطفل ومنها ضعف مساندة الأسرة لأطفالها وعدم توفير العون والمساعدة لهم مما يجعلهم ضحايا سهلة للمعتدين، ومنها عدم وضوح أشكال وطرق التحرش بحيث يتم التفريق بين مداعبة الطفل واللعب معه عن سلوكيات التحرش الجنسي، ومنها عدم الاطلاع على القوانين والأنظمة التي تحمي الأطفال من التعرض للاعتداء الجنسي حيث تصنف هذه الجرائم على اعتبار أنها جرائم تعزيرية تخضع أحكامها لرؤية القاضي ومدى إدراكه لخطورتها حتى لو لم يكن فيها اعتداء جسدي مباشر على الضحية. ويشير الدكتور الزين إلى أنه من أهم الآثار المترتبة على حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال بحسب ما توصلت إليه الدراسات الطبية والنفسية تعرض الطفل المعتدى عليه لصدمة الإيذاء التي قد تتضح آثارها فيما يعرف باضطراب ضغوط ما بعد الصدمة عند الأطفال وهو اضطراب يظهر في متلازمة من الأعراض مثل: عدم الثقة بالنفس والآخرين والعدوانية. وتشويه الأعضاء التناسلية وتعذيب النفس. إضافة إلى الرعب والقلق الدائم والخوف الشديد والهلع والسلوك المضطرب أو غير المستقر ووجود صور ذهنية أو أفكار أو إدراكات أو ذكريات متكررة وملحة عن الصدمة. ومن هذه الأعراض الأحلام المزعجة وصعوبات النوم والسلوك الانسحابي وغيرها من الأعراض التي تحتاج إلى علاج إكلينيكي ونفسي قد يستغرق فترة طويلة تتوقف على نوع الاعتداء وآثاره الجسدية ومدى استجابة الطفل بحسب سنه وخبرته في الحياة واستيعابه للموقف السلوكي.