(عزيزتي شرق) يجيب عليها المستشار الأسري الدكتور حمد بن عبدالله القميزي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أشكرك يا دكتور حمد على هذه الصفحة المتميزة وأسال الله أن يوفقك دائما لفعل الخير ويجزيك الجزاء الأوفى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ... أرجوك يا دكتور أن تنظر إلى مشكلتي بنظرة فاحصة وممعنة وأريد منك جوابا شافيا لمعاناتي فانا على شفا حفرة من الانهيار وأخاف أن أصاب بالجنون أو حتى التفكير بالانتحار والعياذ بالله مشكلتي لا اعرف كيف أبدئها ولكن تتلخص في أنني ابلغ من العمر 24 سنه أعاني من قلق شديد يحوم حول حياتي بأسرها لكل شي وأيضا أعاني من اكتئاب لدرجة أني أتصنع الابتسامة وارى الآخرين يضحكون ويتقهقون وأنا فقط ابتسم وبداخلي انزف ألما لم استطع التأقلم مع الآخرين فعندما أكون مع جماعة ألزم الصمت الطويل ولا أجيب إلا حين يسألني احدهم واكتفي بكلمة أو كلمتين مع أنني أود أن أكون مهذارا وان أشارك الآخرين أحاديثهم ولكن لا أجد ما أتحدث فيه وان وجدت أخاف من طرحة لئلا يسخر مني احدهم وينظر لي بنظرة دونيه لأنه ليس لي القدرة على إيصال المعلومة بشكل واضح وجميل وأكون مفتقر إلى الألفاظ الجميلة بل لا يخرج من فمي إلا رديء وركيك ..وافتقر إلى سرعة البديهة عندما يمازحني احدهم بسخرية لا اعرف ألقمه حجرا بفمه بل ألزم السكوت أو أرد عليه برد بشع غير مفهوم أو غبي فقط لأني لا أريد لأحد أن ينظر لي أني جبان أو شخصيتي ضعيفة ...فإذا اتخذت هذا الأسلوب يحس الطرف المقابل اتجاهي باني عدواني أو حساس زيادة عن اللازم ثم بعدها يتفاداني أو يكلمني بجدية فقط فهل ما أعاني منه أعراض رهاب أم ماذا..؟؟ أيضا... أحس بالتعب والخمول والكسل الدائم فانا لا أحاول حتى ممارسة ابسط أموري مثلا أنا أتغيب كثيرا عن الدوام ولا استحم أو اغسل ملابسي وافرش أسناني إلا بعد فترة قد تطول لمدة ثلاثة أيام أو أربعة ولا اخرج من البيت إلا نادرا جدا ولا اجلس مع عائلتي حتى بل امكث في غرفتي مطولا على الانترنت ولا اجلس معهم إلا في أوقات الوجبات الثلاثة وقد أجبرت نفسي على الخروج من قوقعتي والاهتمام بنفسي أكثر تكرارا ومرارا فالتزم يومين أو ثلاثة ثم ارجع لنقطة الصفر من جديد ..... لا اعرف كيف أغير من نفسي وهل أنا محتاج أن الجأ للطب النفسي لأنني تائه لا اعرف كيف أتحكم بشعوري وأحاسيسي وأحس بخوف شديد يطاردني إن اجتمعت بشريكة حياتي هل يا ترى ستتقبلني على ما أنا عليه أم ستكون مصطدومة وترفض العيش معي تحت سقف واحد والحل الوحيد هو الانفصال ثم العيش أعزبا طيلة عمري لأني لا أريد أن اظلم الفتاة بارتباطها فلا تحس بالسعادة واللذة معي بل جحيما لا يطاق في دوامه من القلق والاكتئاب والصمت القاتل أرجوك انجدني يادكتوووور أرجوووك ثم أرجوك ولا تهملوا رسالتي أو تتأخروا في الرد علي لأني اشعر باني جسد بلا روح أتمنى الموت سريعا لا تخلص من معاناتي.... آسف على سردي العشوائي ولكن هذا ما خرج مني .. ولكم جزيل الشكر والدعاء وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. الاستشارة ** أختي المستشير: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد: فشكرك على ثقتك الكريمة التي أوليتها لصفحة عزيزتي شرق، وجعلتك تبادر بعرض مشكلتك الشخصية، وذلك سعياً منك للحصول على الحل الذي يسهم بإذن الله في توضيح الطريق الذي من خلاله السعادة في هذه الحياة والعيش فيها بكل خير وهناء. وأسأله سبحانه أن يوفقني لتقديم الاستشارة التي تحقق لك ذلك. ** أخي الكريم: ذكرت في رسالتك العديد من المشكلات والأشياء التي تشعر أنها تنغص عليك حياتك، وهذه الأمور بعضها قد يكون حقيقاً، والبعض الآخر اعتقد أنه ليس حقيقاً وإنما شعور فقط بها، أو خوفاً من أن تكون فيك. ومن ذلك أنك تشعر بالقلق، وهذا القلق لابد أن يكون له أسباباً، وقد يكون أسبابه ما تعنيه من شعور بالنقص وشعور بالرغبة في أن تكون كالآخرين أو أفضل منهم، كما أن هذا القلق سبب لك الكثير من المشكلات الأخرى، وأقول لك: لماذا القلق يا أخي الكريم؟ لماذا تقلق وأنت تعلم أن ما كتبه الله سيكون لا محالة، وأن ما يقدره الله هو خير للإنسان، لماذا القلق؟ وأنت مؤمن بالله تعالى وترجو ثوابه وتخاف عقابه، لماذا القلق ونحن وإياك مأمورون بالتفاؤل، وتفاءلوا بالخير تجدوه. أقول لك: دع القلق وأنظر إلى الجوانب الإيجابية فيك وفي من حولك وفي الحياة. وهذا التفاؤل والبعد عن القلق سيعالج المشكلة الأخرى التي تشعر بها، وهي عدم الابتسامة، فعندما يتفاءل الإنسان فإنه يبتسم، وعندما يبتسم فسوف يبتسم الناس معه وأمام وجهه، وإذا رأيت الناس مبتسمين فابتسم معهم، وشاركهم الابتسامة، لأن الناس يحبون الذي يبتسم لهم ومعهم، ولا تعتقد أن كل إنسان يبتسم أنه لا يمر بأزمات أو مشكلات فكم من الناس عندهم من الهموم والمشكلات الكثير والكثير، ومع ذلك يبتسمون ليخففوا عنهم عناء تلك المشكلات والهموم، فابتسم كي تخفف عنك تلك المشكلات والهموم، ولا تنس أن تبسمك في وجه أخيك لك صدقة. أما كثرة الصمت فالصمت في الأصل حكمة، ولكن لا يكن صمتك في موضوع ينبغي لك أن تتكلم، فصمت في مواطن الصمت وتكلم في مواطن الكلام، أما إن كان عندك رغبة في الكلام ولكن لا تستطيع أن تتكلم فإن هذا يعود لبعض الأسباب، منها أن لا يكون لديك رصيد من الكلام، وهذا يدعوك إلى أن تنمي رصيدك اللغوي والمعرفي والحديثي، بمعنى أنك إذا أردت أن تتكلم تجد ما تتكلم به، كما قد يكون من أسباب صمتك وعدم حديثك مع الناس عدم الجرأة في الحديث، وهذا يدعوك إلى تعويد نفسك على الجرأة في الأماكن الصغيرة ومع الأشخاص القليلين، ثم تدرب نفسك على الحديث مع الآخرين، وأعتقد أن التحاقك بدورات تدريبية في الإلقاء والحديث ومواجهة الجمهور سوف يفيدك كثيراً في هذا الجانب. ** أختي الكريمة: أما الكسل والشعور الدائم بالخمول فقد يكون راجع لأسباب صحية، ويمكنك استشارة الطبيب في ذلك، وقد يكون أحياناً حب الكسل والخمول عادة تلازم الإنسان وليست بسب مرض عضوي. لذا راجع الطبيب العام، واحرص على أن تقوم بأعمالك بنفسك، وأولاً بأول، وتذكر أن حبيبك صلى الله عليه وسلم كان يقوم بأعماله بنفسه. العزلة وعدم الاختلاط مع الآخرين: حاول أن تدرب نفسك على الجلوس مع أفراد عائلتك، والحديث معهم في الشئون العائلية العامة، ليس شرطاً ان تطرح في حديثك حلولاً أو آراء، حتى لا يسخر منك أحد إذا كانت تخاف من السخرية، حاول أن تتحدث فقط عن أحداث حصلت. كما يمكنك الاستفادة من الإنترنت لأنك تجلس كثيرا على الإنترنت في تنمية محادثتك مع الآخرين عن طريق المحادثات الصوتية، والقراءة في الإنترنت فهي تنمي كذلك قدرتك اللغوية. ** أخي الكريم: أما هل أنت تحتاج إلى طبيب نفسي أولا؟ فلا أدري ! ولكن ما أنا متأكد منه أنه لن يضرك شيئاً أن تعرض نفسك على طبيب نفسي، فقد تجد عنده الحلول المفيدة والشافية لك بإذن الله، أو قد يخبرك بأنك لست مريضاً نفسياً. إذن توكل على الله وأعرض نفسك على طبيب نفسي. أما الزواج، فأقول لك: بعد أن تعرض نفسك على طبيب نفسي ويؤكد لك أنك لست مريضاً نفسياً فأقدم وتوكل على الله وتزوج فالزواج قد يساعدك على التخلص من هذه المشكلات، وحتى لا تظلم زوجتك على حد قولك، فأخبرها قبل أن تتزوج بها ما تعانيه من مشكلات، فإن وافقت ورضيت وقبلت فلا أعتقد انك ظلمتها ولا أعتقد أنك سوف تظلمها. أما إن قال الطبيب النفسي إنك مريض نفسي فشاوره في هل أتزوج الآن أم أؤخر الزواج إلى وقت آخر. ** أخيراً: أنت إنسان مسلم عاقل بالغ فاهم مدرك للحياة، عالم بحاجتها ومتطلباتها، وقادر بإذن الله على العيش فيها والاستفادة مما فيها من خيرات ونعم، وحاول تطبيق بعض ما كتبته لك فإن رأيت فيه خيراً فاستمر وواصل عليه. أسعدك الله في حياتك ورزقك ما تحب وتتمنى من خير،،،،،،،،، المستشار د. حمد بن عبدالله القميزي 17/3/1432ه