كثير من الناس يتمنّى أن تكون حياته شبابًا على طول، ولعلّ هؤلاء لا يدركون أنه ما من شباب لا يفنى، والأولى بالمرء أن يتأمل في الوسائل التي تساعده على الاستمتاع بسنوات الأصيل من عمره، وفي بلاد الغرب نلاحظ أن معظم المسنين يستمرون في الاحتفاظ بنشاط متعدد الأوجه، ومن ذلك النشاط الرياضي، أو الاجتماعي، أو الخيري، أو حتى العلمي، في حين أن كبار السن في بلادنا ينحدرون سريعًا نحو السكون، وخاصة المتقاعدين الذين يرى البعض أن صفة التقاعد عندهم هي في الواقع صفة «المت قاعد».. لا شك أن هناك فروقات كبيرة في مستوى الرعاية الصحية والتوعية الاجتماعية، وفي نوعية التجهيزات والنوادي المخصصة لكبار السن؛ ممّا يساعد المسنين في الغرب على الاحتفاظ بحيويتهم ونشاطهم.. وبالمقابل نجد أن الترابط الأسري، والطمأنينة الروحانية غالبًا ما تكون أكثر شيوعًا في بلادنا ممّا يشعر المسنين عندنا بإنسانيتهم وقيمتهم ومكانتهم بين الناس.. ولا شك أن تقوى الله سبحانه وتعالى والتوق إلى لقائه والثقة بعدله والأمل في رحمته ومغفرته هي أهم العوامل التي تساعد الإنسان على تقبّل كل مرحلة من مراحل عمره بالسكينة واليقين. تأملت في هذه المعاني عندما وصلتني رسالة إلكترونية من صديق تحمل بعض النصائح التي ذكر مرسلها أنها تساعد الإنسان على أن يعيش حياته شبابًا على طول.. أولى تلك النصائح هي أن تهتم بصحتك.. حافظ عليها إن كانت جيدة وتعامل مع متطلباتها إن كانت تحتاج إلى رعاية .. واحرص في الوقت ذاته على ألا تشكّل لك هاجسًا يسيطر على حياتك، أو يشل تفكيرك.. دع القلق للطبيب فتلك هي مهمته، واكتفِ باتباع ما يطلبه منك فهذا هو دورك.. النصيحة الثانية تطالبك بالابتعاد عن “النفاقين” وهم أولئك المتذمرون الذين لا يكفون عن الشكوى، وعن سرد ما بهم من آلام وأوجاع حقيقية، أو موهومة، أو ما يواجهونه من ظلم الناس، وشظف العيش، فمثل هؤلاء لا ينعمون بحياتهم، ولن يدعوك تنعم بحياتك، واحذر أن تكون واحدًا منهم فيبتعد عنك الآخرون. تعلم!! هذه النصيحة الثالثة.. تعلم حرفة، أو مهنة، أو لغة أجنبية، أو تعلم كيف تستخدم الحاسب الآلي، واشترك في تطبيقاته الحديثة، وحاول أن تتماشى مع اهتمامات أبنائك وأحفادك لكي لا تفقد قابلية التواصل معهم، وأعلم أن خمول الذهن هو نتيجة طبيعية لعدم استخدامه، فعليك بممارسة التحدي المستمر لعقلك لكي لا يسبقك إليه داء النسيان أو الخرف. النصيحة الرابعة هي في الواقع دعوة إلى الاستمتاع.. ما أكثر الأشياء الصغيرة في حياتنا التي يمكن أن تعطينا شعورًا بالمتعة.. فنجان الشاي أو القهوة الصباحية، كأس الماء البارد، ابتسامة طفل، وردة نضرة، عصفور مغرد.. أبحث عن اللقطات، وتعمد أن تلتفت إليها، وأن تستمع بها في كل وقت وأي مكان.. النصيحة الخامسة هي أن تحيط نفسك بمن تحب من الأهل والأصدقاء، وأن تعبر لهم عن حبك بالكلمات والأفعال، والنصيحتان التاليتان هما أن تطلق لمشاعرك العنان عندما تكون بصحبة مَن تحب.. اضحك كلّما أمكنك ذلك، وأبكِ إذا شعرت بالحاجة إلى ذلك.. وأشعر بالأمان في الحالتين إن كنت محاطًا بمن تحب.. أمّا آخر النصائح فهي أن تتجنّب الندم.. لا تشغل النفس بماضي الزمان، بل تطلّع إلى المستقبل، وعش يومك، وحياتك، وتسلّح بيقين الإيمان.. وبذلك تصبح حياتك شبابًا إلى الأبد!!