ما أعظم العلم وما أعظم فضله ، فالعلماء هم صفوة الله من خلقه في كل زمان ومكان ، وما كثر العلماء في أمة إلا كانت لها السيادة والريادة والقيادة ، وما غاب العلماء عن أمة أو عن مجتمع إلا غرق في أوحال التخلف والضياع والذل والهوان . كل دول العالم تسعى وتبذل وتجتهد لكي يكون التعليم فيها راقياً متميزاً يقودها إلى كل خير وفضيلة وكل تقدم ورقي وإلى كل نهضة وتطور وتقدم . وإن الإسلام قد حث على العلم وبين فضائله سواء العلم الشرعي أو غيره من العلوم النافعة المفيدة التي تقود الأمة إلى العزة والرفعة ، لكن لماذا الكثير من أبنائنا لايحبون الدراسة أو المدرسة ؟! لماذا إذا أقبلت الدراسة أصبحوا في هم وغم وضيق وقلق بدلاً من أن يفرحوا بها ويسعدوا ويجدوا ويجتهدوا ويبذلوا الغالي والنفيس من أجلها لماذا كما هو حال القلة القليلة من أبنائنا ؟! الأسباب كثيرة جداً من أهمها : · ضعف مناهج التعليم ، فالتربية على المباديء والقيم النبيلة وأخذها جميعها من غير تهذيب أو تأويل وإخضاعها للواقع بدلاً من إخضاع الواقع لها . · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة لما غابت القدوة أو قلّت في المعلمين والقائمين على التعليم في البلدان الإسلامية · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة لمّا ضعفت الأنشطة المدرسية أو غابت وخاصة الأنشطة ألا صفية حتى أصبح الدرس والتدريس همّ على المعلم والطالب متى يتخلص منه حتى أصبحت أفضل لحظات المعلم والطالب حينما يسمع الجرس يأذن بانتهاء الدوام المدرسي ذاكم اليوم – ولا أعمم - · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة لما أصبح البذل والتضحية والحرص على الطلاب وعلى إصلاحهم وتعليمهم ضعيف بل غائب عند أكثر المعلمين وأصبحنا لا نرى الجهود المكثفة على الطلاب واحتوائهم وبذل كل شيء من أجلهم · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم أن أصبحت المدرسة جثة هامدة لا حراك فيها في غير أوقات الدوام بعد أن كانت المدرسة فاتحة أبوابها الليل والنهار مليئة بالمناشط المختلفة والمنافع المتعددة والجهود الجبارة لصقل مواهب الشباب وإشغال أوقاتهم فراغهم بما يفيد والترفيه عنهم · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم أن ظهرت في المدرسة – ولا أعمم كما ذكرت – بعض المظاهر السلبية وخاصة بين الطلاب ، وحينما انتشرت بعض العجائب والغرائب الغير معهودة · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم غابت النية الصالحة أو ضعفت عند أكثر الطلاب والمعلمين · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم قل في الكثير منهم ومن معلميهم هم الأمة وهم أوطانهم وهم الرقي بها وبإصلاح شأنها وخدمتها · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم غاب التعاون بين المدرسة والأسرة والمسجد إلا ما رحم ربي · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم عدمت أهدافهم ، وأصبح نظر أحدهم إلى يومه ويومه فحسب · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم أن تربى الكثير منهم على الترف والخنوع فالكثير غير مستعد للدراسة وللجدية والقيام بالمسئولية الملقاة عليه · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم أن شغلتهم سفاهات الأمور كالرياضة غير المنضبطة والفن والتسكع في الأسواق وترك الواجبات الدينية والدنيوية خلف ظهورهم – ولا أعمم – · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم ضعف انتماؤهم لسلفهم الصالح من الصحابة ومن سار على منهاجهم ولما ضعف انتماؤهم واعتزازهم بتاريخهم المجيد وتراثهم السامق ، ومجدهم المؤثل · أصبح أبناؤنا يكرهون المدرسة يوم ضعف دينهم في قلوبهم – ولا أعمم – وماذا ينتظر من شاب طالب أو حتى مدرس قوي البنية مفتول العضلات لا يرفع بالدين رأسا يأخذ ما يشاء ويدع ما يشاء ! يذهب إلى مدرسته تاركاً صلاة الفجر عمدود الإسلام والفارق بين الكفر والإيمان ! ماذا ينتظر المجتمع والأمة من مثل هذا وغير ذلك الكثير والكثير من الأسباب التي جعلت أبناءنا يضيقون بالعلم وبمعالي الأمور ذرعا . إنه يتوجب على الغيورين على الأمة عامة أن يصلحوا شأنها وأن يأخذوا على أيدي سفهاءها ، وأن يقدم المقتدرون الأفكار والمقترحات لتغيير حال الأمة لتعود إلى مكانتها المعهودة ورسالتها الخالدة . عبد الله عوبدان الصيعري