«يا رب تتأجل الدراسة».. هذا دعاء أطلقه طفل، فهل أصبحت المدرسة بعبعا مخيفا للجميع.. ولماذا يكره الطلاب المدارس؟ ولم يكرهونها؟.. المراقب لحالة الطلاب وهم في المدرسة ويتابعهم بعد ذلك وهم في طريق عودتهم إلى البيت يجدهم كمن كانوا معتقلين، لأنهم يصبحون فرحين، لا سيما عندما يعلن الجرس انتهاء الحصة الأخيرة، وبالتالي انتهاء اليوم الدراسي.. فهناك عدد من الأسئلة تطرح نفسها هنا، فهل السبب هم المعلمون الذين هم همزة الوصل بينهم وبين المدرسة؟ وهل باتت المدارس مكانا غير ملائم للتعليم؟ أم أن هناك عوائق إدارية تحول دون تحويلها واحة من المتعة لجذب الطلاب؟ أم أن المناهج وعلى كثرتها وتكرارها أضحت هما يجثم على صدورهم؟. المعلمون مملون يرى الطالب هارون أحمد مرحلة الثانوية أن كثيرا من المعلمين لا يمتلكون أسلوبا جذابا لتحبيب المدارس للطلاب، لأن بعضهم يكون عابسا طوال الوقت فكأنما هموم الدنيا تقبع في رأسه، والبعض يعامل طلابه كالأطفال رغم أنهم في المرحلة الثانوية، فلا بد للمعلم أن يتقن مهارات الاتصال مع الطلاب ويطورها حسب مقتضيات العصر وبما يناسبها مع عمر الطالب. فيما يرى وليد أحمد أن بعض المعلمين لا يتقن كيفية تحبيب المادة إلى طلابه، فالأسلوب في عرض المعلومة يكون بدائيا ورتيبا جدا، لأن المعلم لا يستخدم الأساليب المشوقة لجذبه الطلاب كي يفهموا الدروس المقررة عليهم. من جانبه قال الطالب عبد الرحمن عابد: إن كثيرا من المعلمين لا يزرعون الثقة في أنفس طلابهم، مما يؤدي ذلك لكرههم للمدرسة، وأضاف المعلمون يحشون أدمغتنا بمعلومات لا نعرف فائدتها لنا مستقبلا، ولا نشعر بأهميتها وارتباطها بواقعنا الحاضر. فيما يقول مهند خلف الطالب في المرحلة المتوسطة: إن مدارسنا أصبحت مملة جدا، فلا نجد فيها برادات للماء لنروي ظمأنا، أما مقصفنا المدرسي فوجباته باردة ومكررة، ولا نجد فيها شيئا من التنوع، لا سيما أن الفسحة قصيرة لا تتجاوز الخمس دقائق. أكاديمية شرطية وتقول أم غادة: إن السبب في كراهية أطفالنا للمدارس هو المبنى المدرسي، فلماذا لا نسأل أنفسنا لماذا يحب الأطفال المراكز الترفيهية وأماكن الألعاب؟ فالتعليم بالترفية أصبح أمرا ملحا ومهما من وجهة نظري الخاصة، ونجد طلاب المرحلة الثانوية قد قتلهم الروتين كأنهم في أكاديمية شرطية، فمرحلة الطفولة هي مرحلة لعب ولهو واستمتاع بالحياة، ومرحلة الثانوية والمتوسطة هي مرحلة إنتاج ونشاط. متعة الاكتشاف من جانبه قال حسن عبده: إن مدارس أبنائنا تفتقر إلى التجهيزات الضرورية المعنية بممارسة الأنشطة المختلفة، وبالتالي افتقارها للجاذبية، فمدارسنا تفتقر إلى روح التعاون الأخوي بين الطلاب، وروح المسؤولية التي لا توكل إليهم إلا صوريا، فيجب أن يشعر الطالب بمتعة الاكتشاف، ومتعة المغامرة، ومتعة التميز، وكل ذلك لن يتحقق طالما بقيت مدارسنا أماكن حبس لهم، فهم يحشرون فيها في صفوف مكتظة ومزدحمة، حيث يصل عدد الطلاب في الفصل الواحد 45 طالبا، أضف إلى ذلك أن الكراسي غير مريحة لهم خاصة فهم يجلسون عليها ساعات طويلة. مدارس مميزة ويرى فهد القحطاني أن هناك فرقا شاسعا بين المدارس الحكومية والأهلية، فلو قارنا بينها من حيث المكونات نلاحظ فرقا كبيرا، لأن الأهلية نجد فيها حوضا للسباحة ومضمارا للفروسية وميادين الأنشطة الرياضية المختلفة والألعاب الترفيهية، إضافة للأكل الصحي والجيد بدلا من الوجبات غير الصحية والإجبارية المتوافرة والمتواجدة في أغلب المدارس. فلا بد أن نوفر للطالب حرية النقاش وإبداء رأيه، ولا مانع من إشراك الطالب في أمور تخص المدرسة وطرق التعليم. منهج نظري يعتقد الكثير ممن ناقشناهم حول هذا الموضوع أن المناهج الدراسية محشوة بالجوانب النظرية، وقليلا ما تكون عملية، كما لا تتيح للطلاب إبراز شخصياتهم ومواهبهم، إضافة إلى فقر مدارسنا لوسائل النشاط المختلفة، فالرياضة المدرسية تعاني من قصور كبير، وحصص ودروس الرسم والفنون هي عبارة عن تمضية للوقت ليس إلا، والمكتبة المدرسية تحتوي على مجموعة قليلة من الكتب التي لا تغري الطلاب للقراءة، فليس هناك أصلا ما يشجعهم على ذلك، أما المعامل العلمية فوضعها لا يسر غالبا.