تأملت في صورة جميلة للمواجهة الشريفة أرسلها أخي بالإيميل فدمعت عيني. قلت: يا الله، هنا الحبيب! كما هو صلى الله عليه وسلم! يا الله، متى أحظى بهذه اللحظة؟! الرجل عندنا محظوظ حتى في العبادة! والمرأة في الخلف محرومة حتى من مواجهة قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم! والسؤال يُلّح، لماذا التضييق على النساء ببضعة أشبار فقط من الروضة الشريفة سويعات من نهار في حين يتمتع الرجال بالمواجهة والمساحات كلها طوال الوقت؟ غير معقول أن نفكر أو نوحي للآخرين وكأن الإسلام دين للرجال فقط!؟ ثم هناك نقطة مهمة. فالسلام من بُعد موكل به ملائكة تبلغه للرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام). أما السلام أمام القبر الشريف مواجهةً فالرسول صلى الله عليه وسلم يرد عليه مباشرةً (ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) وذلك منتهى آمالنا. فكيف يجوز حرمان النساء من المواجهة الشريفة وهذا المقام الرفيع !؟ التعلل بالزحام ليس بحجة، وحتى إذا كان فلا ينبغي أن تدفع المرأة ثمنه لوحدها! والادعاء بحرمة زيارة المرأة للقبور غير صحيحة بل حث عليه الصلاة والسلام على زيارتها (كنتُ قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)، فكيف إذا كان القبر قبر محمد صلى الله عليه وسلم، والمسجد نبوي صلاةٌ فيه بألف صلاة !؟ أضف لذلك كيفية تعامل وتفكير المرشدين في الحرم النبوي. أذكر مرة كنت مهمومة أدعو في البقعة المباركة أمام بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، فنهتني مرشدة: لا يجوز رفع اليد هنا! ابتعدت عنها فلاحقتني بمحاضرة! هذه ليست صلاة! ورفع اليدين بدعة! زاد حزني، فدعائي انقطع وخشوعي تبخر! وتذكرت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) فسكت على مضض !؟ وللآن لا أعرف لماذا يصرون أن كل حركة بدعة! وكل دنو من القبر شرك! فيبالغون في حجبه، حتى لم نعد نرَ إلا الحواجز! ولماذا يعاملون الناس بأسلوب جاف، ويعتقدون أنهم فقط درسوا الدين ونحن جهلة؟ ويحذرونا من الغلو في محبة الرسول وهم يغالون فيمن دونه! ألم يقرأوا (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)؟ بل حديث عمر زاد أحب إليه «من نفسه»! وفي زماننا ينبغي الخوف من أننا لم نصل لتمام مقام محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من الخوف من تجاوزها! نتمنى العدل وإتاحة المواجهة وكامل الروضة الشريفة للنساء فقط كما للرجال. ولدينا هاجس وخوف من إخراج المرأة من الروضة تدريجياً! فمن يُصدق قبل سنوات قليلة كانت المرأة تقف أمام قبر الرسول والآن تطالب به ولا تناله !؟