أعرب الكاتب الأمريكي توماس فريدمان عن أمله في أن تحكم المعارضة السورية قبضتها، وتتولى زمام الأمور، وتسير على خطى الديمقراطية، كما يأمل الجميع بأسرع ما يمكن، وقال إنه يرى فرصة ضئيلة للوصول إلى مثل هذه النتيجة؛ نظرًا لأن سوريا تشبه العراق كثيرًا، حيث تفرض ديكتاتورية الأقلية من المذاهب الطائفية سيطرتها في البلد الممزق. وحسب وكالة "أنباء الشرق الأوسط" أوضح فريدمان، في سياق مقال بصحيفة "نيوريوك تايمز" الأمريكية اليوم الأربعاء، أن الدرس الذي قد نتعلمه مما حدث في العراق هو: أنه لا يمكن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بدون خوض حرب أهلية -حرب الجميع ضد الجميع كما وصفها- على أن يكون هناك تسليح جيد، فضلا عن ضرورة وجود الثقة المتبادلة وحسن إدارة العملية الانتقالية، وهو الأمر الذي حدث في العراق وقت إجراء تدخل عسكري أمريكي. وتابع فريدمان أن من إيجابيات التدخل الأمريكي في العراق أنه ساعد في كبح جماح الحرب الأهلية والتطهير العرقي ومنعها من الانتشار إلى الدول المجاورة، وساعد في وضع دستور جديد وعقد اتفاق بتقاسم السلطة في العراق، ورغم ذلك يرى أن مثل هذا التدخل كلف العراق الكثير في الوقت الذي لم يحقق فيه حلم الديمقراطية، إلا أنه مع ذلك لديه فرصه يسعى العراقيون من أجل تحقيقها في الوقت الراهن. وخلص الكاتب الأمريكي توماس فريدمان -في ختام مقاله- إلى أن المفاجأة بالنسبة لحل الأزمة السورية التي بلغت ذروتها ستكمن في تشكيل جماعات المعارضة السورية "جبهة سياسية موحدة" قد تتم بقليل من المساعدة من قبل المخابرات الأمريكية والتركية والسعودية، تحاول مد يدها للوصول إلى العلويين والمسيحيين المعتدلين الذين أيدوا الأسد خوفاً منه، والاتفاق على إقامة نظام جديد معا من شأنه أن يحمي حقوق الأغلبية والأقلية، الأمر الذي قد يكون محورا يساعد في استبدال استبداد الأسد وروسيا وإيران وحزب الله، ومشدداً على أنه بدون وجود إجراء فعلى لإنهاء إراقة الدماء في البلد الممزق،فإن نيران الصراع ستمتد ولفترة طويلة لتحرق كل ما يقابلها. وتابع قوله: وهذا الحل يعد منخفض التكلفة وأقل ضرراً، كما نرى في نهج القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي التي اتبعته في الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي، وتمخض عن هذا النهج ليبيا جديدة يرجح -فريدمان- أنها لن تتكرر في سوريا التي تعد أصعب في حل أزمتها الدامية. وأضاف الكاتب الأمريكي أن تجربة العراق تجربة مريرة بالنسبة لواشنطن ولا نرغب في الحديث عنها مرة أخرى، إلا أن مثل هذه التجربة تصب في هذا الإطار، فهو يرى أن السبب الوحيد لما وصل إليه العراق اليوم من فرصة وصفها بالجيدة هو تواجد القوات الأمريكية لإدارة العملية الانتقالية في العراق، مرجحًا أن مثل هذه التجربة ستفرض نفسها على الساحة في سوريا. وأردف الكاتب الأمريكي "توماس فريدمان" يقول إنه يأمل أن يكون تحليله ونظرته للأزمة السورية خاطئا، نظراً لعدم رغبته في اتخاذ أي إجراء عسكري سواء في سوريا أو أي بلد عربي آخر، لذا فقد أعرب عن أمله في أن يبصر السوريون طريقهم نحو مستقبل سياسي ديمقراطي أفضل من خلال التسليح والدبلوماسية، مشيراً إلى أن التدخل العسكري الذي يطالب به البعض ليس دائما بالبديل الجيد فهو قد يكون الأسوأ. ومضى يصف شجاعة الثوار السوريين الذين بدأوا هذه الانتفاضة، بطريقة سلمية، من دون أي أسلحة، ضد النظام الذي أسماه "قوانين حماة"، مضيفاً لقد شن نظام الأسد أسوأ الحملات القمعية عمداً ضد المتظاهرين ليتحول هذا الصراع إلى صراع طائفي بين الطائفة العلوية الحاكمة والتي تعتبر أقلية بقيادة الأسد، والأغلبية في البلاد من المسلمين السنة، ومشيراً إلى أن انقلاب العلويين على الأسد قد يكون بمثابة "القشة التي تقسم ظهر البعير" وتؤدى إلى تفكك سوريا ونشوب حرب أهلية دامية تغير من ملامح المرحلة المقبلة. وأوضح فريدمان أن هناك عاملين من شأنهما أن يغيرا مثل هذه النتيجة أحدهما إجراء تدخل عسكري أمريكي مثل العراق حيث يقطع رأس النظام ويحتل البلاد بالقوة ويغيرها من دولة دكتاتورية تقودها الأقلية إلى أخرى ديمقراطية تقودها الأغلبية، إلا أنه أشار إلى أنه نظرا لعدم كفاءة واشنطن وطبيعة بغداد، أشعل هذا التدخل الأمريكي فتيل الحرب الأهلية التي شارك فيها السنة والشيعة والأكراد، واضعًا بذلك اختبار توازن جديدا للقوى هناك أسفر عن وجود خسائر هائلة وأدى إلى التطهير العرقي.